بالأمس كنت أتجول مع أخي في شوارع مدينة أبها، صحبني أخي ليدُلني على مواقع سيارات وكاميرات ساهر وأخذ يحذرني حتى لا أقع فريسة سهلة كعدد كبير من الناس المارين بالمدينة أو الغافلين عن مواقع تلك السيارات المغلفة بالشبك الحديدي حتى يحميها من غضب الضحايا، وفي عمق تلك الجولة التوعوية المجانية مع أخي اصطادته إحدى كاميرات ساهر فاُصيب بنوع من الإحراج والغرابة وراح يردد ويؤكد أنه لم يكن مُسرعا وختم الجولة بصب جام غضبه على هذا النظام. عندما عدتُ إلى البيت رحتُ اطرح على نفسي سؤالا بسيطا ومنطقيا حول الفائدة الحقيقية لهذا النظام المروري الذي يكره الجميع، السؤال هو: كم هي المسافة التي يعمل فيها نظام ساهر نسبة لكافة شوارع المدينة الرئيسية ؟ السؤال بكيفية ثانية : كم هي المسافة التي يحقق فيها ساهر الالتزام بالنظام؟ عذرا..السؤال أخيراً بكيفية مغايرة : كم يضمن ساهر النظام في شوارع المدينة؟، وبإجراء دراسة مسحية مستعجلة قمت بحساب عدد الكيلومترات التي يغطيها نظام ساهر مع الأخذ في الاعتبار أن كل سيارة ساهر تغطي 100 متر فقط كما هو معلوم، وجدت أن مجموع ما يغطيه ساهر لا يصل إلى الكيلومتر الواحد. هناك خمس سيارات ساهر رئيسية وفي أحيان تزيد إلى سبع سيارات وإشارة وحيدة يعمل بها هذا النظام- مع تأييدي الكامل لكاميرات ساهر عند الإشارات- . إذاً؛ نصل إلى نتيجة مؤلمة وهو أن كيلومترا واحدا أو أقل من ذلك هو فعالية نظام ساهر في مدينة أبها، ونستطيع هنا أن نقول أن ساهر حقق نجاحاً نوعياً في الحد من السرعة في كيلومتر واحد ! ، وهكذا فإن 1% أو أقل من ذلك هو نسبة ما يغطيه ساهر مقارنة بشوارع المدينة الرئيسية الممتدة. هل هذا ما يسعى إليه نظام ساهر بأن يكون الالتزام بالنظام في حدود كيلومتر واحد متفرقة على عدة شوارع، ومع قلة المسافة التي يغطيها ساهر إلا أن أضراره تفوق فوائده وتتجاوز إلى ما نشاهده من غضب وسخط المواطن من النظام. الجميع يؤكد على أنه لا يوجد عاقل وحريص على التزام المواطن بالنظام المروري يرفض نظاما كنظام ساهر ولكن الإشكال يقع في الفجوة بين النتائج المرجوة من ساهر وضعف المقومات والخدمات التي تدفع المواطن السائق إلى الالتزام بالنظام المروري في العموم، إن السائق بحاجة إلى شوارع على قدر حسن وجيد من الصلاحية خالية من الحفر والاعتراضات وحفريات الشركات التي تستغرق شهورا طويلة وكذلك إعادة تخطيط الشوارع إلى آخر تلك المشكلات التي تحفل بها شوارعنا . إن أول الطريق لِأن نُوجد نظام ساهر في قلب وعقل كل مواطن هو توعيته واحتضانه بتعريفه أن هذا النظام من أجله لا من أجل ما في جيبه وأنه سيكون واضحاً وقابلاً للمراجعة والمساءلة، وأن يتم بناء النظام بما يجعل المواطن مشاركا ومحبا لما ينظّم حركة سياراته وحفظ روحه من الهلاك وهذا لا يتحقق إلا في حالة واحدة تتوفر فيها منظومة كاملة وممتازة بدْءا من إصلاح الشارع وحتى توفير آلية اعتراض على المخالفات. إن كل ما رأيته هنا هو تذمر وسخط على هذا النظام الذي أصاب المواطن في مقتل فهو لا يكاد يصحو من التزاماته المادية المتعددة إلا وتشع في وجهه تسرق بصره كاميرا ساهر معلنة له عن نهاية شهر غير سعيدة !. إني لا انسى منظر ذاك الشاب المتألم بعدما اصطاده ساهر وقد خرج من سيارته متكئا على شبك سيارة ساهر يتأمل وينظر إلى داخل تلك السيارة الوحش التي امتصت نقوده. سألت نفسي مرة أخرى: من هم إذن المؤيدين لساهر وهو بهذه الكيفية؟!، لقد استمعت لحديث جميل لمعالي الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي على إذاعة U-FM يتحدث عن نظام ساهر حيث وصفه بأنه نظام جباية لا يزيد الفقير إلا فقرا ، وكانت اتصالات المواطنين على مدار يومين كلها اتصالات متضررين ولم ارصد متصلاً واحداً موافقا لساهر. إني أتأمل خيراً وأقول لقد آن الاوان لإيقاف نظام ساهر حتى يُعاد دراسته دراسة وافية وموافقة يتم بعدها سنّ النظام بما يتوافق مع الخدمات الملموسة المقدمة للمواطن التي يلامسها فعلاً وهو يقود سيارته. اختم أخيرا بأن من ابرز فوائد نظام ساهر هو ما شاهدته من اتحاد عجيب بين المواطنين ضد هذا النظام، إني أضع في عمود فوائد ساهر التكاتف الصادق بين السائقين في تنبيه بعضهم عند الاقتراب من مواقع ساهر.. والحمد لله. عبدالله الزهري - أبها