في كل عام يعقد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في منطقة نائية من جبال سويسرا وفي فصل الشتاء القارس، ومع ذلك فإن مئات المشاركين وألوف الإعلاميين يتوافدون على المنتدى من كل حدب وصوب بما فيهم رؤساء الدول والحكومات وأباطرة الاقتصاد والأعمال وغيرهم من الباحثين عن الشهرة أو المعرفة أو كلتيهما، وفي كل عام يعقد منتدى جدة الاقتصادي بحظوظ متفاوتة من النجاح، وفي دبي وغيرها من مدن العالم تعقد المنتديات المتخصصة على مدار العام، وفي كل هذه الحالات يكون الشغل الشاغل للمنظمين هو الترويج لمنتداهم وإبراز مدى أهميته وجاذبية موقعه واستقطاب الأسماء اللامعة من السياسيين والمفكرين للمشاركة فيه. في مكةالمكرمة يعقد في كل عام منتدى من نوع آخر يسعى إلى المشاركة فيه ملايين المسلمين من حجاج بيت الله الحرام، منهم مئات وربما آلاف من المفكرين والعلماء والباحثين، ولو عرضت على هؤلاء أن يمددوا إقامتهم في مكةالمكرمة يوماً أو يومين يلتقون أثناءها بنظرائهم من علماء الأمة الإسلامية المتخصصين في الطب والهندسة والتعليم والإدارة والحاسب الآلي والفنون والآداب لوجدت أكثرهم يرحب جذلاً بمثل هذه الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر في حياتهم أبداً، وقبل أن يتساءل أحد من القراء لماذا أغفلت علماء الفقه والشريعة أبادر لأقول إنني أحسب أن رابطة العالم الإسلامي تقيم لقاءات لعلماء الشريعة والفقه المشاركين في موسم الحج ولعل مجمع الفقه الإسلامي أيضاً يعقد بعضا من اجتماعاته على هامش موسم الحج، فإن لم يكن الأمر كذلك فإن لقاء علماء الدين في موسم الحج هو الأولى والأوجب بالاهتمام. لو عقدت هذه اللقاءات كما تصورتها صاحبة الفكرة الأخت القارئة الأستاذة نهى عزام في منتدى اقترحت أن يطلق عليه اسم «منتدى مكة العالمي للمعرفة» لأصبح هذا المنتدى واحداً من أكثر المنتديات العالمية أهمية وأشدها اجتذاباً للمشاركين وأيسرها على المنظمين من حيث الترويج للمكان والزمان، ولوضع المنتدى نفسه فوراً ضمن خارطة المنتديات العالمية بل وفي صدارتها، ولو أن جامعة أم القرى تصدت لقيادة هذا الجهد لسجلت لنفسها إنجازاً تاريخياً لا يمكن أن ينافسها عليه أحد ولرفعت من قدرها ومكانتها بين صروح العلم والمعرفة في العالم ولاكتسبت فضل تطبيق قول الله تعالى عن موسم الحج "ليشهدوا منافع لهم" ولعلها تستعين على هذا الفضل العظيم بوزارة الحج ووزارة الثقافة ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والنادي الأدبيبمكةالمكرمة وبذلك يخف العبء ويعم الفضل. "منتدى مكة العالمي للمعرفة" يمثل تعبيراً عن دور مكةالمكرمة الإنساني الثقافي العلمي الخالد باعتبارها منارة للعالم ومنبعاً للضياء ومحجاً للأفئدة والعقول.