يلبسون الإحرام، ويتحدثون مع المحسنين بقناع المعتمرين عابري السبيل الذين تقطعت بهم الأسباب وضاعت نقودهم، وأنهم في أمس الحاجة إلى العون لأداء الفريضة.. أسلوب جديد من أساليب المتسولين هذا العام الذين تنطبق عليهم مقولة: «إذا لم تستح فأفعل ما شئت». هؤلاء من ذوي الوجه الكالح، يستخدمون أساليب ووسائل مختلفة من أجل هدف واحد هو «التسول»، يستخدمون أطفالهم ونساءهم ومرضاهم، بل إن بعضهم يدعي المرض لاستثارة عاطفة المجتمع السعودي المحب للخير.. ينتشرون هنا وهناك على وتيرة الدوام اليومي أمام المطاعم والمصارف والمتاجر والمساجد والإشارات المرورية، يتخذون أشكالًا مختلفة: فبعضهم يدعون أنهم عابرو سبيل، وآخرون يريدون المال لمواصلة الطريق، بل إنهم لجأوا في هذا الشهر الفضيل إلى التخفي خلف قناع المعتمرين بارتداء زي الإحرام مدعين أنهم فقدوا أموالهم، ويريدون تكملة أداء الفريضة. وهكذا انتشرت ظاهرة التسول بصورة ملفتة للنظر، حيث تحولت إلى داء ينخر في عظم المجتمع، وهي من مظاهر التخلف الاجتماعي، وفي كل يوم يعمد المتسولون لتطوير أساليب الشحاذة لنهب أموال الناس، ولا يتورعون عن ممارسة كل أساليب الخداع والدجل والتضليل والكسب غير المشروع، وللأسف يقع بعض المحسنين ضحية طيبتهم وعطفهم الزائد. 98% من غير السعوديين وحسب مدير إدارة مكافحة التسول بجدة سعد الشهراني فإن نسبة المتسولين الأجانب أكبر بكثير من السعوديين إذ تصل إلى 98%، بينما لا تتجاوز نسبة السعوديين ال 2%. ولفت إلى إن النسبة الأكبر للتسول تتركز في شمال جدة بنسبة 70% بينما تتوزع النسبة الأخرى على بقية أحياء جدة، وتزداد ظاهرة التسول في رمضان بنسبة 50%. وكشف تقرير أصدرته وزارة الشؤون الاجتماعية عن أن عدد المقبوض عليهم من مكاتب مكافحة التسول بلغ 3459 متسولًا ومتسولة من مختلف مناطق المملكة. وبحسب التقرير جاءت منطقة الرياض في الصدارة بين مناطق المملكة الأخرى في عدد المقبوض عليهم، حيث ضبطت جهات الاختصاص 1414 متسولًا ومتسولة،.بينما بلغ عدد المتسولات العاطلات عن العمل في الرياض 679، وفي منطقة القصيم 418 متسولة، وبلغ عدد المتسولين العاطلين عن العمل 267 متسولًا، فيما بلغ عدد المتسولات والمتسولين ممن هم دون سن التعليم (760 طفلًا وطفلة. تكثيف الجهود لمكافحة الظاهرة وعبر عدد من المواطنين عن استيائهم من انتشار هذه الظاهرة، مطالبين بتكثيف الجهود لمكافحتها والتصدي لها من قبل جميع أفراد المجتمع بالتعاون مع جهات مكافحة التسول الرسمية. وقال يونس فريد: ظاهرة التسول بدأت تزداد في مختلف بقاع الأرض، فهم ينتشرون أمام المطاعم والمصارف والمساجد وإشارات المرور ولا يتركون مكانا إلا وتواجدوا فيه، ويتفننون في استعطاف السعوديين، خاصة النساء حيث يتبرعن لهم بسخاء دون أن يعرفن أنهن يساعدن في انتشار هذه الظاهرة. بينما تقول أم أنس: إنها لا تتبرع لهؤلاء في بعض الأحيان حسب حالة الشخص ومكان تواجده، ولا تفضل التبرع عند إشارات المرور لأنها تعرضهم للخطر. وبين ماجد محمد بن سعيد أنه يريد إيجاد فتاوى وتحذيرات واضحة تبين مخاطر هذه الظاهرة حتى يدركها المواطن والمقيم وتتم توعيته بأماكن التبرعات بشكل صحيح. حملات مكافحة مستمرة ويعود مدير إدارة مكافحة التسول بجدة للحديث قائلًا: «الشعب السعودي محب لعمل الخير، وعندما يقدم صدقة لمن يحتاجها يكون فرحًا مسرورًا، ولكنه في الوقت نفسه يغضب عندما يشعر أنه قدمها لشخص مخادع لا يستحقها. وأكد أن إدارته تنفذ حملات مكثفة ضمن فريق اللجنة الأمنية لمكافحة ظاهرة التسول التي يقودها ضابط برتبة عقيد من الشرطة، لافتًا إلى أن هناك جهودًا مشتركة في رمضان بين تلك الجهات وهي: «الجوازات، الشرطة، المرور، إدارة المجاهدين، القوة الميدانية والبحث والتحري، الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر»، حيث تقوم هذه اللجنة بتحويل الوافدين إلى إدارة الجوازات والتي بدورها تحولهم إلى إدارة الوافدين لتقوم بترحيلهم إلى بلدانهم، بينما يتم تسليم السعوديين إلى إدارة مكافحة التسول بجدة، لأخذ التعهدات عليهم، وإعداد البحث المكتبي والميداني لهم للوقوف على الأسباب التي دفعتهم للتسول، ومن ثم تقديم المساعدة لهم من قبل إدارة الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية، وإحالة كل من له المقدرة على العمل إلى الجهات المعنية لتوفير العمل المناسب له، بينما يتم إحالة كبار السن إلى إدارة الشؤون الاجتماعية لبحث مشكلهم ومعالجتها. وأشار إلى أن السعودي إذا ضبط ثلاث مرات يعاقب بالسجن لمدة أسبوعين، مؤكدًا أن هذه الحالة نادرا ما تتكرر. ودعا المواطنين والمقيمين إلى تقديم تبرعاتهم للجمعيات الخيرية، وهيئات الإغاثة المسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، وعدم تعاطفهم مع هؤلاء المتسولين، لأنه ليس كل متسول محتاج. تسول بملابس الإحرام وسرد الشهري عددًا من القصص والعبر لبعض المتسولين، فمن أبرز الحيل الجديدة التي بدأت تمارس خلال رمضان الحالي ارتداء الإحرام والتسول به من أجل الحصول على المال متخفين خلف قناع العمرة لاستعطاف الآخرين من أجل الحصول على المال، وهناك من يقومون بممارسة التسول بسياراتهم للحصول على الوقود أو ادعاء انقطاع الطريق. وبين أن مكتبه ضبط بعض الحالات المشابهة لذلك، بالإضافة إلى أن هناك من يرتدون الملابس الجديدة ويتظاهرون بأنهم يتسوقون وهم في الحقيقة متسولون. ونصح مدير إدارة مكافحة التسول بجدة كل مواطن ومقيم بعدم تقديم أي أموال لمن يتواجدون أمام إشارات المرور والمساجد أو المراكز التجارية، والمتنزهات لأنهم يتخذون هذه الأماكن لممارسة التسول على مدار الساعة، فمهما قدمت لهم من المال فلن يقنعوا ولن يتوقفوا، وبعضهم يستخدمون أكياس نايلون ويضعون الشاي متظاهرين بأنهم مرضى ولديهم قسطرة، فيما يستخدم آخرون بخاخات الربو، والبعض الآخر يدعي أنه مصاب بالعرج وهو في الحقيقة سليم. وطالب الشهري المواطنين والمقيمين بعدم التدخل عند القبض على أي متسول. وبين أن هناك زيارات ميدانية من قبل البحث والتحري، بأساليب مختلفة وفي أوقات مختلفة، مشيرا إلى أنه تم التخفيف من هذه الأعداد على الأقل بعد تطبيق نظام البصمة بمنع المرحلين وعدم عودتهم والحد من تخلف العمرة.