في الرحلات الجوية الطويلة عابرة المحيط والقارات يكون تقييم الخدمات أكثر دقة وحساسية بين المسافرين، وبخاصة إذا كانت تستغرق أكثر من عشر ساعات طيران يحتاجون خلالها إلى راحة أكثر ووجبات أفضل، حيث لا سبيل أمامهم للراحة إذا افتقدوها على الطائرة، ولا مطاعم أمامهم ترد جوعهم إذا لم تعجبهم وجبات الطائرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، رغم ثمنها المدفوع مع التذكرة بأسعار خمس نجوم.. لذلك نجد هذين العنصرين أكثر ما تتنافس فيهما شركات الطيران الإقليمية والدولية وترتقي بهذه الخدمات، بينما تتدنى على متن رحلات (السعودية) التي تعتز بخدمة عملائها وفق نظرية «ليس بالإمكان أفضل مما كان». لا أقول هذا الكلام على عواهنه ولا هو انطباع مرسل وإنما عن تجارب حقيقية، خاصة على الدرجتين الأولى ورجال الأعمال، وسأنقل الصورة كما عشتها مرارا وآخرها قبل رمضان الحالي في رحلتي الذهاب والعودة (جدة - واشنطن). ما أعرفه ويعرفه كل من سافر في رحلات طويلة عبر أكثر من شركة طيران، أن مثل هذه الرحلات تجد اهتماما بالغا من شركات الطيران الأخرى وتحرص على منع الضوضاء والصخب خاصة من الأطفال في هاتين الدرجتين، بل إن بعض شركات الطيران تمنع الحجز عليهما لمن معهم أطفال، احتراما لحق المسافر، ولا نتحدث هنا عن الرضع الذين لهم وضع خاص، وإنما المقصود فوضى اللعب والصياح والجري من الأطفال المصاحبين لذويهم على رحلات السعودية، وناقص عليهم يلعبوا كرة قدم او الكرة الطائرة، فكيف يرتاح المسافر خلال رحلة يصل زمنها إلى نحو خمس عشرة ساعة، يحتاج فيها إلى نوم عميق عادة يفتقده ليلة السفر وبعد وصوله بعكس الخطوط القصيرة. وهنا لا ألوم الخطوط السعودية وحدها على عدم حسم هذه الفوضى فيما نجحت فيه الخطوط الأخرى، وهذا يعيدنا إلى السبب الآخر وهو الأسر المسافرة التي تصطحب أطفالها وتتركهم على سجيتهم لا فرق عندهم بين أن يلعبوا في البيت أو في الشارع أو على الطائرة، فيحولون ممراتها إلى ملاعب وعلى راحتهم دون أن ينطق أولياء أمورهم ببنت شفة ولا إدراك لحق المسافرين في أن يستمتعوا برحلتهم أيقاظا أم رقودا.. لذا لا بد وأن تهتم الخطوط السعودية بما تهتم به الخطوط الأخرى إذا كانت تحرص فعلا على عملائها في ظل منافسة مفتوحة الخيار فيها للمسافر خاصة الذي يدفع قيمة التذكرة. الأمر الثاني في هذه النقطة هو الجانب التربوي الذي يفتقده أطفالنا من الأسرة، والدليل أن على الرحلات نفسها يوجد مسافرون أجانب (غير عرب) لديهم أطفال لكنهم يلتزمون بالهدوء عن قناعة وثقافة تربوية صحيحة، لا يجوز فيها الصياح والصراخ والجري على الطائرة سواء كانوا على رحلات السعودية أو غيرها، وكثيرا ما شاهدنا بأم العين الهدوء اللافت للنظر لأطفالهم. فهل من المعقول أن يحدث مثل هذا التهاون في الجانب التنظيمي والتربوي ويدفع المسافر ثمنه من راحته وفلوسه في الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال دون أي تميز، ورغم أن الجميع يسعد بالأطفال وبراءتهم، لكن أن تغيب البراءة وتتحول إلى شقاوة تحرم المسافرين من حق النوم أو القراءة أو الهدوء والتأمل، يصبح الأمر بحاجة إلى إعادة نظر من الخطوط التي يجب أن تضبط هذا الجانب بالتنبيه في الرحلات الطويلة من خلال الخدمة الداخلية أو بأي وسيلة تراها.. وأيضا الجانب التربوي من بعض الأسر السعودية التي تجعل من الفوضى امتيازا عربيا حصريا! الملاحظة الثانية هي الوجبات الغذائية على الرحلات الطويلة وهي الأخرى شاهد على سياسة فرض الأمر الواقع حيث ما تقدمه «السعودية» من وجبات لا تسد الرمق ولا أدري كيف يحسبونها وعلى أي أساس يحددون الأصناف والكميات، وأخشى أن تكون من زاوية تجارية بحتة مجحفة بحق الراكب الذي دفع قيمة تذكرة يجب أن تشمل ما هو أفضل من ذلك بكثير، وهذا ما نلاحظه في الشركات الأخرى على طائراتها ودائما يقدمون أفكارا مبهرة في وسائل الراحة والوجبات، ولكن ماذا نقول وهذا حال خطوطنا السعودية التي نتمنى أن تنافس بحق في هذه الخدمات الحضارية. [email protected]
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (58) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain