* حسبتُ وأنا أشاهد القصف البحري، والنيران التي تصبّها المدافع السورية، أن الجيش «العربي» السوري يحاصر عكا، أو حيفا، أو تل أبيب. وقلت أخيرًا تحرّكت القوة الضاربة للجيش «العربي» السوري، الذي طالما سمعنا عنه، وعن استعداداته، وآلياته، وأسلحته، وبطولات ضباطه، وجنوده، غير أني صُدمتُ حين عرفتُ أن كل تلك النيران، والبطولات الدنكشوتية موجهة ضد مدينة سورية بحتة، وهي مدينة اللاذقية الساحلية. * هذا المشهد، ومعه آلاف المشاهد «المحزنة» والمتواصلة منذ ستة أشهر، ليس مسرحها الجولان «المحتلة» من القوة الصهيونية، عدوة الأمة العربية والإسلامية، بل المدن والبلدات والقرى السورية. البطولات التي تقوم بها قوات الجيش «العربي» السوري، وأفراد عصابات «الشبيحة» موجهة إلى صدور وقلوب وأرواح الشعب السوري، الذي من المفترض، والمنطق، والإنسانية، ومسؤولية الحكم أن يكون في حمى الجيش، وقوات الأمن، وأن تدافع عنه هذه القوى بكل ما تملكه من أسلحة وعتاد. * الدماء الطاهرة البريئة التي ترتوي فيها أرض الشام من أقصاها إلى أقصاها، لم تتسبب فيها «اليد» الإسرائيلية الآثمة، ولم تقتحم قوات جيش الدفاع اليهودي البلدات والمدن والساحات السورية، ولم تدمر المنائر والمساجد والمنازل على رؤوس سكانها، بل مَن فعل ذلك كله «يد» سورية، تحكم وتسيطر على البلد بأسره. هذه «اليد» ولو من باب المسؤولية الحاكمة التي تنص عليها كل القوانين والدساتير التي تحكم وتنظم العلاقة ما بين الحكومة والشعب، كان الواجب عليها توفير الأمان والاستقرار للشعب السوري، وحمايته من أية أخطار، أما وأن تتحوّل هي ذاتها إلى سلطة رعب، وأدوات تدمير، فهذه لم تحدث في التاريخ البشري، بهكذا صورة سوى في عقول «البعثيين»، الذين لا يقيمون وزنًا لمبادئ، ولا يعتبرون لدين، ولا يرهبون إلهًا. * والجيش «العربي» السوري الذي أزعجنا باستعداداته، وبطولاته «الدنكشوتية»، والقوميون العرب الذين كانوا يعدّونه في واجهة الدفاع عن الحقوق العربية ضد التعنت والجبروت الإسرائيلي، يثبت مرة أخرى أنه «نمر» من ورق، وأنه لم يجرؤ إطلاقًا منذ حرب عام 73م على إطلاق رصاصة واحدة في أرض الجولان «المحتلة»، وإنما كانت صولاته وجولاته البطولية في ساحات عربية وشامية، كما إبان احتلاله للبنان، ومشاركته في تأجيج الحرب الأهلية، وتلاعباته، وقفزاته البلهوانية في مناصرة فريق ضد آخر، وكأن لبنان «عدو» محتل لأراضٍ سورية. * واليوم وعلى مدى ستة أشهر كاملة يثبت هذا الجيش «الممانع» أنه في مستوى التحديات، وأن تدريباته وتسليحاته لم تذهب هباءً، فهو قادر على القصف، والقتل، والتدمير بكافة الأسلحة، وبكل العنف.. غير أن المشكلة أن مَن يوجّه لهم كل هذه «النيران» هم من أبناء شعبه، ومن السوريين الأبرياء الذين ليس لهم من ذنب سوى «مطالبتهم» بحقوقهم الآدمية التي تخوّلهم العيش في أمان، مثلهم مثل بقية الشعوب المتحضرة. وأمّا ما سقط من دماء، وشهداء من الأطفال، والشيوخ، والنساء، فقد أثبتوا بكل «طهر» خرافة الجيش العربي السوري، و»فضحوا» الممانعة التي طالما تغنّى بها النظام السوري، وأن نصر الله لهم إن شاء الله قريب.
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (10) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain