هذا البيان الذي صدر صباح يوم الاثنين الموافق 8/9/1432ه في الرياض عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله - عن الاحداث في سوريا قد حمل موقفًا عقلانيًا ومسؤولاً، كما هي عادة الملك القائد يحفظه الله، تجاه سائر الشعوب العربية، وهو من حمل الهموم العربية منذ ان كان وليًا للعهد وحتى هذه اللحظة، وحرص على توجيه هذا البيان إلى الاخوة في سوريا العروبة والسلام، ليؤكد من خلال هذا موقفه من الاحداث في سوريا، وان ما دفعه إليه هو إيمانه بالعروبة والسلام، مؤكداً أن تداعيات الاحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا، والتي ينتج عنها تساقط أعداد كبيرة من الشهداء، الذين اريقت دماؤهم، والأعداد المتزايدة من الجرحى والمصابين، ان كل عاقل عربي ومسلم يدرك ان هذا ليس من الدين، ولا القيم والاخلاق العربية، لأن إراقة الدماء لأي اسباب او مبررات لن تجد لها صدى لدى العرب والمسلمين بل والعالم اجمع، إلا عبر الحكمة لدى القيادة السورية، وان تتصدى لدورها التاريخي، الذي هو اليوم في مفترق الطرق، وهو اكبر من ان تبرره الاسباب، ثم دعا القيادة السورية ان تفعّل اصلاحات شاملة وسريعة، واطلق التحذير بأن سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، اما ان تختار بإرادتها الحكمة او تنحرف إلى اعمال الفوضى المؤدية إلى الضياع لا سمح الله، وذكّرها وذكّر الشعب السوري بمواقف المملكة تجاه سوريا، وأنها تقف اليوم تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو اشقائها مطالبة بإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء، وتدعو إلى تحكيم العقل قبل الأوان، وان يكون طرح القيادة السورية للاصلاحات دون ان تغفلها الوعود، بل يحققها الواقع، ليستشعرها المواطنون السوريون في حياتهم كرامة وعزة وكبرياء. وفي النهاية اكد ان المملكة قررت استدعاء سفيرها للتشاور حول هذه الاحداث التي تجري في سوريا، بهذا الخطاب الموجز، والذي حمل الموقف الواضح، الذي لا لبس فيه، والذي هو اوضح المواقف العربية والدولية حتى هذه اللحظة من هذه الاحداث المؤلمة والمستمرة على ارض الحبيبة سورية، بعد ان بذلت المملكة جهوداً غير معلنة منذ ان بدأت الاحداث ثم تصاعدت، وطالبت القيادة السورية باتخاذ الموقف الحكيم، والخروج من الازمة سريعاً، حماية للشعب واستبقاء للود بينه وبين قيادته، ولكن الذي يظهر ان مواقفها لم تجد صدى لدى القيادة السورية، الا بما تردده وسائل اعلامها والذي تكرره على مدى الاربع والعشرين ساعة عن وجود مسلحين خارجين عن القانون هم من تقاتلهم، وان هذا حق لها مشروع، والمدن السورية كلها تشتعل بهذه القسوة غير المعهودة بين القيادات وشعوبها، وها هي دول العالم تتوالى مواقفها الرافضة لما يحدث في سوريا والداعية إلى ان تكف القيادة السورية عن معاملة شعبها على هذه الصورة، التي لم يعد احد يطيق ان تستمر، فهذه دول الخليج تعلن موقفها، وهذه هي الكويت تستدعي سفيرها، وهذه هي الجامعة العربية تدعو القيادة السورية ان تكف عن العنف، وهذه هي الشقيقة الكبرى تركيا تكرر النداءات من اجل حقن الدماء، وها هو مجلس الامن يحمل القيادة السورية وزر هذا العنف، وهذه هي الدول الكبرى تهدد بمواقف اشد، وها هي الارواح تزهق والمدن تدمر، ولا تراجع من قبل القيادة السورية عن نهجها المتوالي عنفاً دامياً تجاه شعبها، مما اخرج الحليم عن صبره، فأعلن موقفه صريحاً واضحاً، وحتى الدول التي ظلت حتى قبل أيام تقف مع القيادة السورية كروسيا والصين بدأت تتخلى عن الحذر وتحملها هذا العنف، الذي يشاهده العالم على كافة شاشات الفضائيات عربية وإسلامية وأجنبية، والعاقل من يتعظ بغيره. وإذا استمر الحال على ما هو عليه فحتماً ان تداعي الاحداث خطير جدًا أولًا على المواطنين السوريين الذين تراق تدماؤهم، ثم على القيادة السورية ان لم تحزم امرها وتوقف هذا العنف الدامي، وتبدأ تصالحاً مع شعبها، وتحقق له كل ما طالب به من اصلاحات على مر السنين، ولكن كثيراً من المراقبين يرون أن هذا لن يتحقق بعد ان توالى هذا العنف، والمواقف السورية المحبطة تتوالى لكل من قدم لها نصحاً، وهو مخلص لها في ان يجنبها ما قد تأتي به الأيام، فهل نرى في الأيام المقبلة حلاً لهذه الازمة التي استمرت طويلاً ويرحم الشعب السوري من اثارها المدمرة، هو ما نرجوه والله ولي التوفيق.
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (15) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain