جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين للشعب السوري بعدم القبول لما يحدث في سوريا ومطالبته بلهجة صارمة وحاسمة بالوقف الفوري لإراقة الدماء واستدعائه - حفظه الله- لسفير المملكة في دمشق للتشاور، جاء ذلك بمثابة نقطة تحوّل في مسار الأزمة السورية التي تحمل مشاهدها الدراماتيكية رسالة واضحة بأن المملكة لا يمكنها أن تلزم الصمت إزاء الاستخدام المفرط للقوة ضد الأبرياء، وأنه يتعيّن على سوريا أن تفكّر بحكمة قبل فوات الأوان وطرح إصلاحات فعلية وليس مجرد وعود حتى لا تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع لا سمح الله- . أهمية هذا التحرك أنه جاء بعد أن أعطت الرياض الفرصة كاملة للنظام السوري بتحقيق وعوده في الإصلاح باعتباره الخيار الأمثل للخروج من الأزمة، وهو ما لم يتحقق في حدّه الأدنى، بل إنّ ما حدث بالفعل هو زيادة وتيرة القمع وسفك الدماء . الأهمية الأخرى لهذا الموقف عكستها ردود الفعل التي ترتبت عليه إقليميًا وعالميًا من خلال تفعيل أدوات ضغط فعالة على النظام السوري لدفعه إلى وقف حمام الدم والشروع في الإصلاح الحقيقي الذي يحقق للمواطن حريته وحقه في العيش الكريم ويحفظ كرامته وإنسانيته، وهو ما تمثل في دعوة شيخ الأزهر الرئيس السوري بشار الأسد إلى وقف حمامات الدم والاستماع إلى المحتجين ومطالبة الأمين العام للجامعة العربية بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف، وإيفاد تركيا وزير خارجيتها الى دمشق أمس حاملاً رسالة حازمة، واتساع دائرة الانتقادات والضغوطات الدولية على سوريا. كلمة خادم الحرمين الشريفين من هذا المنطلق تشكل وفق ما نشرته صحيفة التلجراف البريطانية أمس الأول نقطة تحوّل في مسار الأزمة السورية، عندما رأت في هذا التحوّل في اتباع نهج أكثر صرامة مخرجًا للأزمة التي فشلت الضغوط والدبلوماسية الغربية في حلها حتى الآن، مع الأخذ في الاعتبار أن دعوة خادم الحرمين الشريفين في كلمته الصادقة سوريا إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع لا سمح الله- تحمل في طياتها حرص المملكة على حقن الدماء وصيانة أرواح الأبرياء وعلى مستقبل هذا البلد العربي الشقيق والحفاظ على مكتسباته ووحدة شعبه وترابه .