وصف مدير مركز القاهرة للدراسات التركية الدكتور طارق عبدالجليل ما يجري الآن في تركيا بين جنرلات المؤسسة العسكرية وحكومة رجب اردوغان وحزبه «العدالة» و»التنمية» بأنه ليس أزمة سياسية كما تصوره بعض وسائل الإعلام العالمية والمحلية ولكنه في حقيقة الامر اختبار للقوى بين الطرفين حيث حاول جنرالات الجيش احراج رئيس الحكومة التركية قبل يومين من انعقاد مجلس شورى المؤسسة العسكرية، ولم يتوقعوا أن يقبل رئيس الحكومة لهذه الاستقالة الجماعية، وأشار الى ان حكومة الرئيس اردوغان قامت بسلسلة من الاجراءات لتقليل نفوذ المؤسسة العسكرية في السياسة التركية عبر عدة تعديلات دستورية وقانونية وخلال فترة زمنية متدرجة، مؤكدًا أن جنرالات الجيش كانوا يهدفون الى إحراج اردوغان من خلال مناورة سياسية جاءت تحت مسمى الاستقالة الجماعية. وأضاف: إن رئيس الحكومة التركية دخل المواجهة مع جنرالات الجيش بإجراءات قانونية ولم يلجأ إلى أية إجراءات استثنائية، وأصبح يتم الآن في تركيا مقاضاة قادة المؤسسة العسكرية من خلال القضاء المدني وليس العسكري أو الاستثنائي، واعتمد اردوغان في هذه المواجهات على الشارع التركي وإنجازاته التنموية التي نجح في احداث نقلة تنموية في الاقتصاد التركي بدأ يشعر بها المواطن العادي في تركيا مما أكسب حزب العدالة والتنمية المزيد من الانصار ليس من الاسلاميين فقط ولكن أيضًا من العلمانيين. وعن قدرة رئيس الوزراء التركي في إقامة جمهورية يغيب فيها الجيش عن المشهد كلاعب رئيس، قال الدكتور طارق: إن هذا تم بالفعل وعبر إجراءات قانونية ودستورية، نجح من خلالها تقليص دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية التركية، وكان آخر هذه التعديلات الدستورية التي قللت من دور الجيش في السياسة التركية الاستفتاء الأخير. وعن قدرة تركيا بقيادة اردوغان في تجاوز انقلابات العسكر، قال: إن تركيا بالفعل تجاوزت مرحلة الانقلابات من قبل المؤسسة العسكرية ،وأن آخر انقلاب كان عام 1997 حيث اعتمد الجيش على مؤسسة مدنية للقيام بانقلاب ومن بعدها بدأت تخف وتختفي رياح الانقلابات عن تركيا، وأضاف: إن تجاوز تركيا لمرحلة يعود في الأساس إلى الإنجاز الاقتصادي والدخول الى البناء الديمقراطي وهو ما لمسه المواطن التركي، وأن المشروع النهضوي للعدالة والتنمية أحدث نقلة نوعية في ذهنية صغار الضباط في المؤسسة العسكرية وبدأ يؤمن بتجربة اردوغان العسكريون دون رتبة العقيد والجنرال، وان هذه الشريحة تمثل النسبة الرئيسية فى تركيبة المؤسسة العسكرية، وباتت ترفض فكرة الانقلابات، وأيضًا المناخ الدولي بات لا يرحب بالانقلابات ويدعم التحولات الديمقراطية عبر المؤسسات، وهو ما يقوم به رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان من خلال العمل على مزيد من الديمقراطية ومزيد من التنمية، ويسعى في المرحلة القادمة الى صياغة دستور مدني جديد لتركيا ينهي تدخل المؤسسة العسكرية في السياسة التركية وهي مهمة صعبة أمام اردوغان وقد ينجح وقد يفشل ولكنه مصرّ على التحول الديمقراطي وبصورة كبيرة. وعن استشرافه لمستقبل تركيا في المرحلة القادمة، يتوقع الدكتور طارق مزيد من الديمقراطية ومزيد من التعديلات الدستورية والمضي قدمًا في التنمية الاقتصادية باعتبارها مصدر القوة الرئيسي الداعم لسياسات العدالة والتنمية