مدة ليست بالقصيرة تبلغ في حساب السنوات سبع، قضتها الجمعية السعودية للأدب العربي في حالةٍ من الكمون، منذ أن أنشئت في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وتكوين مجلس إدارتها الأول في يوم 29 صفر 1426ه، والذي تألف من الدكتور سليمان بن إبراهيم العايد رئيسًا، والدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني نائبًا للرئيس، والدكتور صالح جمال بدوي أمينًا للمجلس، والدكتور عبدالحكيم الشبرمي أمينًا للمال، غير أنّ العطاء لم يكن بذات الطموح، والأهداف التي من أجلها أنشئت الجمعية.. وبعد كل هذه السنوات، تشهد الجمعية طورًا آخر من مسيرتها، بعد إعادة انتخاب مجلسها الجديد برئاسة الدكتور عبدالله إبراهيم الفقهاء الزهراني، والذي كان يشغل منصب نائب الرئيس في المجلس السابق.. ويأتي الزهراني إلى الرئاسة بجملة من الخطط المستقبلية، تعينه رؤيته السابقة لمآل الجمعية وواقعها، مسنودًا في ذلك بسيرة تشير إلى أنه قد درس المرحلة الابتدائية بقلوة تهامة زهران، ثم المتوسطة والثانوية بتبوك، ثم الجامعة بأبها فرع جامعة الإمام آنئذ، ثم عيّن معيدًا بجامعة أم القرى، ونال الماجستير والدكتوراه فيها، وشغل منصب رئيس قسم الأدب لخمس مرات، كما تسنّم رئاسة قسم الدراسات العليا العربية لمرة واحدة، فضلاً عن شغله لمنصب وكيل كلية اللغة العربية لفترتين، وما زال يعمل أستاذًا بقسم الدراسات العليا تخصص نقد وأدب.. وطوال هذه الرحلة الأكاديمية أنجز الزهراني أكثر من 25 بحثًا علميًا شارك بها في عدد من المؤتمرات في الداخل والخارج، ومن أهم أعماله البحثية: الشعر وحروب الخلافة العثمانية – رسالة الدكتوراه، أسامة بن منقذ والموروث الشعري – دراسة في التأثر الشعري، دراسة لقصيدة المطر للشاعر بدر شاكر السياب، منشور أثر تيار الوعي في رواية اللص الكلاب، الأزمة اللغوية والفكرية في الشعر العربي الحديث – قصيدة التفعيلة نموذجًا، أحمد الصالح مسافر في التطور النقدي – نقد الأدب.. وقد وجد التقدير والحفاوة، فلديه عدد من الشهادات التقديرية منذ أن كان طالبا في الثانوية. حوار «الأربعاء» مع الزهراني تركّز بشكل كلّيٍّ على الجمعية السعودية للأدب العربي، واقعًا ومستقبلاً، رؤية وخططًا، فبدا الزهراني في إجابته أكثر تفاؤلاً، وأوفر عزمًا على النهوض بالجمعية.. خطط مستقبلية * أنت الآن على سدة الرئاسة في الجمعية السعودية للأدب العربي.. فما هي خططكم المستقبلية، وكيف السبيل إلى تفعيل هذه الجمعية بصورة مميزة؟ دعني أولاً أشير إلى أن اللجنة التأسيسية لجمعية السعودية للأدب العربي قد تم في العام 1424ه، ثم عقد المجلس العمومي لها، وانتخاب مجلس إدارتها في يوم 29-2-1426ه، وطوال هذه المدة لم يتغير شيء، وانتخابي الآن رئيسًا لها يأتي رغبة منا في تفعيل دور هذه الجمعية، فلنا في هذه الفترة جملة من الخطط العديدة والكثيرة، نتمنى تحقيقها، وأن تكون ماثلة على أرض الواقع بعيدًا عن المثاليات والأحلام، ومن ضمن ما وضعناه من خطط أن يتم تشجيع إجراءات البحوث، والاستشارات العلمية، وتأليف، وترجمة الكتب العلمية في مجال اهتمامها، وما يتصل بها من مجالات، يصحب ذلك أيضًا عقد الندوات، والحلقات الدراسية والدورات التي تتصل بمجال الأدب واللغة، مع إصدار الدراسات والنشرات والدوريات العلمية، والمشاركة في المعارض المحلية والدولية، ودعوة العلماء والمفكرين ذوي العلاقة، فضلاً عن التعاون مع الجمعيات الدولية ناهيك عن المحلية مثل الأندية الأدبية. وكل هذه الخطط المستقبلية وغيرها مما وضعناه في أجندتنا يطلّب منا جهدًا نسأل الله أن يعيننا على أن نجعل من هذه الجمعية إشراقة أمل، وأتمنى أن تحقق الجمعية في دورتها الجديدة ما تصبو إليه؛ ولذا أدعو كل المنتمين لها للمشاركة بالاقتراحات والتوجيهات لنكون يدًا واحدة للنهوض بالجمعية، ولو بكلمة بنّاءة بعيدًا عن واقع الجمعيات، وسبب إعاقتها وتأخرها.. كما أتمنى تحقيق أهداف الجمعية، والوصول بها إلى مصاف مثيلاتها الفاعلة، وأن يكون لها صوتٌ قويٌّ، ومؤثر، في الساحة الأدبية والثقافية. أهداف الجمعية * وما هي أهداف الجمعية؟ أهداف الجمعية كثيرة، وتتمثل في تنمية الفكر العلمي في مجال فن الأدب والعلوم القائمة عليه، وتحقيق التواصل العلمي بين أعضاء الجمعية، وتقديم الثورة العلمية في حقل الدراسات الأدبية والنقدية، بجانب تطوير مهارات الأداء المتصلة بفن الكلمة، ومد جسور التواصل بين الهيئات والفئات الغنية بالأدب والأنشطة الأدبية، كذلك من بين أهداف الجمعية تعميق الإحساس بالفن الأدبي، وتذوق جمالياته، والارتقاء بالأشكال الأدبية الحديثة والوقوف على صلتها بالتراث. عضوية مشروطة * استنهضت في سياق حديثك الهمم إلى النهوض بالجمعية.. فمن يحق الانتماء لها؟ أبواب الجمعية مفتوحة أمام كل من يحمل درجة علمية، أو ما يعادلها في مجال تخصصات الأدب أو اللغة العربية أو الآداب الأخرى، فكل من يحمل هذه الصفة له الحق في اكتساب عضوية الجمعية، متى ما تقدم بطلب لذلك، كما لدينا عضوية انتساب لمن لديه اهتمام في مجال الجمعية، ولا يتوفر فيه شرط المؤهل. مشاريع قيد التنفيذ * وما الجديد في الجمعية حاليًّا؟ لا يوجد جديدٌ في الجمعية في دورتها الجديدة سوى البدء في تنفيذ بعض الخطط؛ فلدينا مجموعة من الخطط بعضها على وشك التنفيذ، منها إنشاء مجلة علمية محكمة، وقريبًا سنشرع في مخاطبة الجامعات والمراكز العلمية ببداية قبول الأبحاث، كما هناك خطة لإنشاء مجلة إبداعية وقد انتهى التصور العام لها في الدورة السابقة، كما إننا بصدد إقامة منتديات ودورات تخصصية، إلى غير ذلك من خلال الأهداف التي مرّت. تجاوز السلبية * هل يخالجك أيُّ طموحٍ شخصيٍّ تجاه الجمعية السعودية للأدب العربي؟ لا توجد لدي مطامح شخصية، ولكنها مطامح للجمعية أن تحقق أهدافها من خلال تعاون الجامعة في تلبية مطالب الجمعية وتشجيعها ماديًا ومعنويًا بعيدًا عن السلبية التي نواجه بها أحيانًا، لأن الجمعية لن تقوم لها قائمة دون دعم مادي من الجامعة إن أرادت الجامعة أن يكون للجمعية صوت فاعل، إذ الجمعية أولاً وأخيرًا هي صورة للجامعة، فأتمنى من مسؤولي الجامعة أن يدعموا الجمعية، لا بالأوراق والمخاطبات، بل بالفعل، والدعم الماليِّ الجيِّد؛ لأن معاناة الجمعيات في الجامعات أساسها الدعم المالي، أولًا وقبل كل شيء.