تتعرض مصر الآن لما هو أخطر بكثير من حالة الانفلات الأمني، حيث بدأت حالة من انفلات الأعصاب تهدد بالفعل باقتلاع الأخضر الجميل في ميدان التحرير واليابس النبيل في كوبري القبة. وإذا كانت مصر قد تحملت ومازالت ظواهر وتوابع الانفلات الأمني بحكم طبيعتها وفطرتها وجسدها الرافض لكل أشكال وألوان الفتنة، فإنها لن تستطيع تحمل انفلات أعصاب الشبان الثائرين واللواءات المرتبكين. والحق أن انفلات أعصاب الشباب يمكن تقبله ومعالجته بنفس الروح التي تعامل بها المشير طنطاوي، تلك الروح التي أهلته ورشحته لنيل جائزة نوبل.أما أن تنفلت أعصاب لواء أو اثنين من الآباء العظماء بالفعل فهذا هو مكمن الخطر. لقد خرج الاتهام الصريح من اللواء الرويني كالطلقة، لكنها وللأسف الشديد لم تكن طلقة في صدر عدو وإنما في صدر أحد الأبناء.. وقد يقول قائل إن الرجل انفلتت أعصابه عندما اطلع على ملفات وتقارير تؤكد له أن بعض الشباب تدربوا في صربيا وأنهم يتلقون أموالا من الخارج، وهنا كان لا بد أن يتحلى الرجل بالصبر والحنكة وضبط النفس التي تعلمها بل يعلمها لآلاف الجنود في ميدان الوغى. وهل هناك أكثر من هذا الوغى الذي تمر به مصر الآن؟ مع ذلك وبافتراض أن اللواء قد أخطأ وأن الشباب الذين تحركوا صوب المجلس لتقديم مذكرة قد أخطأوا التصرف، فهلا تركهم المتربصون والمرجفون للهدوء والتأمل ومراجعة الذات ومحاسبة النفس؟ أبدا.. لقد انهمر سيل الاتهامات ليس من المستفيدين السابقين فقط من إعلاميين وإعلاميات وباحثين وباحثات ومفكرين ومفكرات وإنما من لواءات سابقين أيضا.. لقد نشط الخبراء العسكريون السابقون ليؤكدوا وقوفهم قلبا وقالبا مع اللواء الرويني.. فاللواء طلبه يؤكد أن الرجل معه وثائق إدانة مهمة، واللواء كاطو يؤكد أن اللواء الرويني لا يتكلم من فراغ، أما الخبير الفضائي اللواء سويلم فيغالي في كرمه مطالبا بسرعة محاكمة الشباب.. شيئا فشيئا تبدأ محاكمة الشباب في فضائيات الغفلة الجاهزة لتلقف كل فتنة وتعميق كل أزمة بدلا من محاكمة حقيقية وفاعلة ومنتجة لرموز الفساد.. شيئا فشيئا تتحدث الفضائيات المكلفة والصحف المملوكة أو التي يتغير مالكوها أو مستأجروها أو واهبوها بين الحين والآخر للحديث عن أموال صربيا وأموال أمريكا وأموال الخليج بدلا من أموال أحمد عز وحسين سالم. والحق كذلك أن حالة انفلات الأعصاب وصلت لذروتها في صفوف الشباب حتى أن أحد منسقيهم يتوعد بمحاكمة كل من تسول له نفسه أن يسيء لحركته! لقد تعبت مصر كثيرا وطوال ثلاثين عاما من شعارات واتهامات العمالة وتلقي أموال من الخارج والعبث والإفساد في مصر قبل أن تستيقظ على حقيقة وهوية العملاء الحقيقيين والمفسدين الحقيقيين. كما أنها سئمت من عبارة (كل من تسول له نفسه) الواردة على لسان المنسق، والتي كم طالت كتّاباً وشعراء وروائيين وإعلاميين شرفاء. لقد ناديت من هنا ومن نفس هذا المكان بترشيح المشير لجائزة نوبل، وها أنا أناشد أركانه العظام بضبط النفس والتزام الحياد والتحلى بالحكمة حتى لا نصنع أو نصطنع ثغرة هائلة في معركة الوصول بمصر إلى بر الأمن الحقيقي والأمان الحقيقي ليعود الثائرون إلى مدارسهم وجامعاتهم ومصانعهم ومزارعهم ومقار أعمالهم ..ويعود اللواءات إلى ثكناتهم بأسرع وقت ممكن. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain