سيقول البعض أنني متحيز ضد الليبرالية الرأسمالية ، وسيقول آخرون أنني من المؤمنين بنظرية المؤامرة ، لكن ذلك لن يمنعني من تحذير المبهورين بالمشهد الذي تنقله وسائل الإعلام الان عن التحقيق مع إمبراطور الإعلام الغربي روبرت ميردوخ ، إثر فضيحة التنصت على هواتف المواطنين في بريطانيا بتواطؤ من بعض كبار رجال الشرطة . ستأخذ الضجة وقتها ، وستتحدث وسائل الإعلام عن القضية ، وستكشف المزيد من الفضائح ، لكن الناس سينسون الأمر شيئا فشيئا ، وروبرت ميردوخ سيخرج من القضية كما تخرج الشعرة من العجينة بعد ان يستنفد الناس مخزونهم من الحنق ، وبعد أن ينفسوا عن غضبهم من خلال إذلال ميردوخ في التحقيقات . ومع مرور الوقت وإغراق المشاهدين بالتفاصيل المملة التي لن يفهموا أكثرها ، سيعود كل شيء إلى سابق عهده . لن يتغير شيء بتاتا ، أقول ذلك لأن القضية أكبر بكثير من قضية فساد مهني تم بسببه انتهاك الحقوق الأساسية للعديد من المواطنين في دولة مدنية تؤمن - في العلن - بحرية الفرد حد التقديس . القضية قضية وسائل إعلام يمتلكها أثرياء لا هم لهم سوى تكديس المزيد من الأموال في أرصدتهم وحساباتهم المنتشرة على طول الكرة الأرضية وعرضها . العيب أيها السادة والسيدات ليس في انعدام الوازع الأخلاقي لدى بعض مالكي الصحف وبعض أباطرة الإعلام ، العيب في النظام الذي يسمح للفرد بامتلاك مؤسسات صناعة الرأي العام . وهي مهمة وطنية وأخلاقية وذات طابع استراتيجي ، وليست مجرد نشاط استثماري صرف كشراء البنوك أو تأسيس الشركات أو إقامة المصانع . مهمة صناعة الرأي العام يجب أن يقوم بها الشعب نفسه ، حماية له من لعبة المصالح الضيقة التي تربط بين أباطرة الإعلام ورجالات السياسة على حساب الناس المغلوبين على أمرهم وفكرهم . هذه هي الليبرالية الحقيقية ، اما ليبرالية رؤوس الأموال فلن تزيد الناس إلا تضليلا واستعبادا . يبقى عزيزي القارئ ان تعرف ان رئيس الوزراء البريطاني كان قد تجاهل كل الشائعات التي انتشرت حول تورط مساعد ميردوخ آندي كولسن ، في التنصت على الهواتف ، وعين الأخير في منصب مستشاره الإعلامي عام 2007 . أبشر بطول سلامة يا ميردوخ . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain