المدينة المنورة، طيبة، الدار، طابة، أسماء تتردد في ذاكرة الزمن، فينداح صداها في أعماق الآفاق؛ حبًّا يفوق كل حب دنيوي، وإشراقًا يفوق كل إشراق، وبرد سلام يتغلغل في النفس فتهفو تواقة إلى مأرز الإيمان، حيث تطوف بنا الذكريات في مراتع الخير، ومرابع الهداية، وظلال الأمان الوارف، أنّى اتجهت ببصرك في هذه الظلال، يقع على تاريخ يفوح بأريج سيد الخلق، وهادي البشرية، ومنقذها من الضلال رسول الله، والرحمة المهداة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وكل شبر درج عليه في دار الهجرة تاريخ شاخص يتجسّد في وعي الأمة الإسلامية بكل معاني النور والهداية المتمثلة في رسالة الإسلام ومنهجه القويم الذي حمل لواءه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وأنقذها من مهاوي الزيغ والضلال والكفر والغواية، فانحسر بذلك الظلام، وأشرقت الأرض بنور ربها، وحينما استقر الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه في المدينة أخذ في بناء كيان الدولة الإسلامية، وأصبحت المدينة هي العاصمة الأولى لهذه الدولة التي انطلقت منها الدعوة إلى الإسلام بعد الهجرة، وصارت المنطلق لأعمال الرسول في الدعوة والجهاد، ومهوى أفئدة المتطلعين إلى الرسول صلّى عليه وسلّم لمعرفة سننه وتوجيهاته والاقتداء به، كما أصبحت المركز العلمي والإداري والاقتصادي والسياسي للدولة الإسلامية في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وخلفائه الراشدين -رضي الله عنهم أجمعين-، ولا غرو إذًا أن تكون المدينةالمنورة مصدر إشعاع للهداية والعلم والمعرفة، وعاصمة للثقافة الإسلامية منذ عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا، ومسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم خير شاهد، حيث يجتمع الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه معلّمًا وموجّهًا، وحيث يحفل بحلق العلم في شتى صنوف الثقافة الإسلامية. ومع اختيار المدينة عاصمة للثقافة سيشارك نادي المدينة في نشر الثقافة بإعداد برنامج يواكب هذه المناسبة، ويتمثل في المحاضرات والندوات والأمسيات الأدبية، وإبراز وجه مدينة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم من النواحي التاريخية والدينية والثقافية والأدبية. (*) رئيس مجلس أدبي المدينة المنورة