«بين السماء والأرض»هي قصة الفيلم الذي يحمل العنوان ذاته، والذي ألف قصته: نجيب محفوظ، وكتب السيناريو له وأخرجه المخرج الكبير: صلاح أبو سيف عام 1959م. وقصة: «بين السماء والأرض» تتعرّض لمجموعة ركاب «أسانسير» عمارة، تعطّل بهم المصعد في منتصف العمارة الطويلة الشاهقة فيهم: المرأة الحامل التي وضعت في الأسانسير، والمجرم، والرجل المريض جدًّا، والرجل المتّهم بأنه «مجنون»، والنشّال، والطبّاخ الذي كان ينوي إيصال الطعام إلى أهله، فلم يتمكّن لأعطال المصعد.. وتفشل كل المحاولات لإعادة المصعد إلى حالته الطبيعية، ويرسل شاب صغير إلى «مهندس المصاعد»، لكنه ينشغل بمشاهدة كرة قدم.. وبعد محاولات عديدة.. جاءت خطوة المطافي لكسر حائط العمارة الموازي للمصعد؛ لإنقاذ الركاب، والصعود لأجل هذا الغرض على سلم طويل جدًّا، ذاهب في السماء؛ لكنّ المصعد تحرّك قليلاً، ثم ما لبث أن توقّف ليتغيّر وضع فتح الجدار.. وأخيرًا أنقذ الركاب لتكون النتيجة: وفاة الرجل المريض، ميلاد طفل جديد -في الوقت نفسه- والقبض على المجرم، واختبار المجنون المتّهم.. ولقاء الخطيبين، وتأسّف الطباخ عن تأخّر الطعام.. وحمد الجميع الله سبحانه وتعالى على النجاة.. حيث عاشوا ساعات حرجة بين «السماء والأرض»، بمعنى الموت والحياة.. وفي القصة مشاهد جانبية مساندة كتصوير فيلم في سطوح العمارة، لا يعلم المخرج بتعطيل مصعدها.. وعصابة في أحد مكاتب العمارة تخطط لسرقة.. وبعد نجاة الركاب ونزولهم، يأتي الشاب الصغير، وهو يصيح: «وسّع.. وسّع.. مهندس الأسانسير وصل». ولا شك أنها رواية لم يكتبها نجيب محفوظ، لكن السينما وظّفتها فيلمًا رائعًا.. فمن خلال مكان واحد، لمسنا المفارقات بين الركاب، وحوارهم الطويل المختلف المتباعد أثناء توقف المصعد الطويل.. وعلى عادة نجيب محفوظ.. الانطلاق في الرواية من «المكان الواحد» ورسم المفارقات في الشخصيات والأحداث.. كرر نجيب محفوظ هذه التجربة بشكل كتابي أولاً، ثم مثلت بعد ذلك من خلال رواية «ميرامار»، حيث تدور الأحداث في «بانسيون»، أو فندق صغير لشخصيات مختلفة، تلتقي على صعيد المفارقة والاختلاف.. وكأن قصته «بين السماء والأرض» التي لم يُكتب لها أن تكون رواية، كانت إرهاصًا لرواية شهيرة -فيما بعد- تسمّى «ميرامار»..!!