وسط أكوام من الخردوات والملابس المستعملة في حراج سوق الاتحاد وسط جدة يلفت نظر الزائر محل صغير جامع لكل ما هو أثري ونادر، حيث النحاسيات والمخطوطات، والعملات النقدية والمعدنية النادرة التي تجاوز عمر بعضها مائتي عام، ولكنها تباع بثمن بخس. ويرتاد ذلك المحل الهواة الذين يحبون اقتناء الأشياء النادرة، وكلما كانت العملة نظيفة سالمة من العيوب غلا سعرها وزاد الإقبال عليها. ويضم الحراج الواقع في كيلو 2 بسطات عشوائية لبيع الأشياء المستعملة كالأواني المنزلية والملابس والأجهزة الكهربائية، فيما على الناحية الأخرى منه محال صغيرة لبيع الأثات المنزلي. هواة جمع العملات محمد عبد الوهاب “50 عاما” وهو صاحب محل لبيع العملات النادرة قال إنه فضل اختيار هذا الموقع عن سواه، لارتياده من قبل هواة جمع العملات كل أسبوع. وأضاف: “منذ أن كان عمري خمس سنوات وأنا أحب أن أقتني العملات القديمة، حتى كثرت وقررت أن أبيع بعضها هنا، وإقبال الزبائن على العملات جيد، خاصة في آخر الأسبوع”. العملات السعودية الأبرز وعن أبرز العملات المتوفرة لديه قال محمد: “أهم العملات التي تتداول هنا في الحراج هي العملات السعودية القديمة، ابتداء من الملك المؤسس وحتى الملك فهد رحمهم الله تعالى جميعا، إضافة إلى العملة القسطنطينية المختومة ب (دولة الحجاز) وهي عندي منذ أربعين عاما، إضافة إلى العملات الخليجية القديمة، وبعضا من العملات اليمنية، الأردنية، الرومانية، الإيطالية، الأسبانية، البريطانية، الأمريكية، والإيرانية. تفاوت الأسعار وأشار إلى أن سعر العملة يختلف وفقا لمستوى جودتها من ناحية لمعانها، ونظافتها ونوعية ورقها، فعلى سبيل المثال توجد عشرة ريالات من عهد الملك فيصل يساوي سعرها الآن 2000 ريال لأنها نادرة في السوق، وفي المقابل هناك عملات من عهد الملك فيصل من فئة المائة ريال ولكن قيمتها لا تتجاوز المائة والثلاثين ريالا، أما فئة الخمسين ريالا من عهد الملك خالد فتقدر قيمتها بسبعين ريالا. ملابس مستعملة وعلى الناحية الأخرى من الحراج ستجد بسطات تباع فيها الملابس المستعملة سواء الرجالية أو النسائية، وبسطات أخرى لبيع الفرش والبطانيات و الأواني المنزلية. وعن مصدر تلك الملابس، يقول العم عبده قاسم عباس “71 عاما” وهو من أوائل الباعة الذين عملوا في هذا الحراج منذ أكثر من عقدين: “بدأت بسطتي منذ أكثر من عشرين عاما في بيع الخردوات والملابس التي اشتريها من النسوة الأفريقيات، حيث يأتين على فترات متقاربة في سيارة محملة بخردوات تضم ملابس وأواني منزلية مستعملة وأدوات كهربائية يحصلن عليها من عملهن في البيوت أو تصدق المحسنين”. وأضاف: “أشتري منهن الكيس بعشرة ريالات أو خمسة عشر ريالا، شريطة أن تكون الملابس نظيفة، وفي بعض الأوقات أشتري كل ما في السيارة ب 40 أو 50 ريالا، وأبيع القطعة بثلاثة أو خمسة ريالات”، مبينا أن دخله في اليوم من الملابس وغيرها يناهز الأربعين ريالا، أما يوم الجمعة فيصل إلى مئة ريال. أهم الزبائن وعن مدى إقبال الزبائن على الملابس المستعملة قال العم محمد ناصر “62 عاما” وهو بائع في حراج كيلو 2 منذ ثلاث سنوات: “بعض الزبائن المحتاجين الذين لا يستطيعون توفير قيمة الملابس الجديدة يأتون إلى هنا لشراء المستعملة، ومعظمهم من أبناء الجاليات والعمال”. ورفض ناصر ما يردد بأن هذه الملابس سبب لنقل الأمراض، موضحا “نحن لا نشتري أي ملابس إلا بعد التأكد التام من نظافتها، إضافة إلى أن معظم بائعيها أصبحوا معروفين لدينا”. تسجيل بيانات البائع والمشتري من جهته أكد ل “المدينة” ممثل مكتب رئيس طائفة دلالي الحراجات بحراج كيلو 2 عبدالرحمن محيا الشهري وجود إجراءات قانونية يتخذها المكتب عند عمليات البيع والشراء داخل الحراج، وذلك تفاديا لوجود مستلزمات مسروقة قد تباع في السوق. وقال: “عند البيع والشراء نقوم بتسجيل هوية البائع والمشتري، وأخذ نسخة منها، وتسجيل بياناتهما (رقم الجوال والسكن) ونوعية البضاعة، وفي حالة الاشتباه نقوم بأخذ رقم لوحة السيارة أيضا”. وأشار الشهري إلى وجود تنسيق بين المكتب والشرطة عن طريق تقديم البلاغات المسروقة، “فإذا جاء شخص وادعى أن له بضاعة مسروقة أطلب منه نسخة من بلاغ الشرطة، وأتعاون معه في الحال للبحث عنها وردها إليه”. يذكر أن تاريخ حراج سوق الاتحاد يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود، حيث بدأ باسم حراج سوق الاتحاد نسبة إلى مالك السوق آنذاك الشيخ عمر سنبل الذي كان يشجع نادي الاتحاد ومن شدة إعجابه بالنادي صبغ ألوان السوق بالأصفر والأسود، ثم انتقل الحراج إلى باب شريف، ومنه لسوق الكرنتينا، قبل أن يعود مرة أخرى إلى مقره الأول في “كيلو2”.