عقد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية امس في مكتبه بجدة جلسة مباحثات مع وزير خارجية المملكة المتحدة وليم هيغ. وعقب الجلسة أوضح سمو وزير الخارجية في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية البريطاني أن جلسة المباحثات تناولت العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة إضافة إلى بحث الأزمات التي تشهدها المنطقة وتطوراتها ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية. ورحب الفيصل بإطلاق الحوار الوطني الشامل في البحرين وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للأحداث التي شهدتها. وأشار سموه إلى أن المباحثات السعودية البريطانية عكست ارتياحا لعودة الأمن والاستقرار في البحرين الشقيقة، والترحيب بانطلاق الحوار الوطني الشامل بين كافة أبناء البحرين بناء على دعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الأحداث التي شهدتها، مع التنويه بمسيرة الإصلاح والتطوير الجادة القائمة بها، ورفض أي تدخل أو مغامرات خارجية في شأن البحرين، أو أي محاولات للعبث بأمن دول الخليج أو إثارة الفتن بها. وقال سموه إنه في إطار متابعة الأحداث في المنطقة العربية، فإنه في الوقت الذي تحرص فيه المملكة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلا أننا لا نستطيع إلا أن نشعر بالأسى والحزن العميق لسقوط العديد من الضحايا المدنيين، بما في ذلك النساء الأطفال جراء الأزمات القائمة، وندعو الجميع إلى تغليب صوت الحكمة والعقل في معالجتها. وتجنب إراقة المزيد من الدماء، واللجوء إلى الإصلاحات الجادة التي تكفل حقوق وكرامة الإنسان العربي، مع التأكيد على حرص المملكة على الأمن والاستقرار في ربوع العالم العربي، والحفاظ على وحدة أوطانه واستقلالها. وحول عملية السلام في المنطقة قال سموه : إننا نؤيد الجهود الدولية لإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية القائمة على هذا المبدأ وعلى أسس البدء في مفاوضات الحدود والأمن، تمهيدا لمعالجة بقية القضايا الجوهرية في النزاع، وعلى رأسها القدس الشريف، وبسقف زمني للمفاوضات لايتجاوز فترة عام واحد، وذلك بغية الوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة، في إطار حل الدولتين المستقلتين. واشار إلى أنه على الرغم من ثقة المملكة في جدية هذه الجهود وأهدافها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، إلا أنها تظل قاصرة إذا لم تتعامل بحزم وجدية مع سياسة الرفض والتعنت الإسرائيلية المتواصلة مع كل مبادرة أو جهد دولي مخلص. وعن التصريحات الإيرانية المتناقضة تجاه المملكة قال الأمير سعود الفيصل: في السياسة لا بأس من التناقض، ولكن ما أود الإشارة إليه أنه كانت هناك سلسلة من المباحثات مع إيران في السابق وكان هناك برنامج لزيارة وزير الخارجية الإيراني للمملكة لوضع النقاط التي يجب أن نحلها حتى تعود العلاقات إلى مستواها الطبيعي، وللأسف لم تحل ولم يتم الاجتماع لشروط وضعتها إيران. والحقيقة إن وزير الخارجية الإيراني الجديد اتصل بي عندما كان في باكستان وأبدى رغبته في استمرار الحوار وأنا أبلغته عندكم دعوة ومتى رغبتم فإننا سعداء. وهو عرض أن يكون اجتماعاً ثلاثيا في الكويت، فقلت له لمَ نحمل الكويت الخلافات السعودية الإيرانية؟ مضيفاً : إيران دولة جارة وإذا كانت تريد دوراً قيادياً فعليها مراعاة مصالح دول المنطقة وليس مصالحها. وأوضح سموه في المؤتمر أنه تم التطرق في المباحثات إلى الأوضاع على الساحة اللبنانية وتطوراتها مؤكداً أن المملكة من جانبها تدعو جميع الفرقاء اللبنانيين إلى التعامل مع قرار المحكمة الدولية بكل هدوء وعقلانية، بعيدا عن لغة التشنج، وتجنب أي تصعيد أو مواجهة مع المجتمع الدولي. وجدد سموه التأكيد بأنه لا لوم على عائلة بن لادن التي تعيش في هذه البلاد كمواطنين مكرمين، وقال سموه في هذا الصدد: الفاسد فاسد ويحصل هذا في أحسن العائلات. من جانبه أعرب مهيغ عن سعادته بزيارة المملكة، وقال إن هذه أول زيارة لي كوزير للخارجية للمملكة ونحن نطلع إلى المستقبل في علاقتنا مع المملكة فهي أكبر شريك تجاري وكل من دولتينا ضحايا للإرهاب. وبين هيغ أن هناك 20 مشروعاً مشتركاً بين المملكة وبلاده بقيمة 70 بليون دولار، ويوجد 20 ألف بريطاني في السعودية وكذلك هناك 16 ألف طالب سعودي في بريطانيا. وفي إجابة لوزير الخارجية البريطاني على سؤال حول التباين في الموقف الدولي تجاه ما يحدث في بعض الدول العربية، قال ان هناك اختلاف كبير فالتدخل في ليبيا كان بطلب من الجامعة العربية لعمل حظر جوي أما بالنسبة لسوريا فلا يوجد طلب لذلك ولكن سنستمر في مجلس الأمن بالمطالبة بحماية المدنين وعدم استخدام القوة وحرية التعبير.