أثير كثيرا موضوع بُعد الأطفال عن حضانة أمهاتهم ووضعهم لقمة سائغة فى يد زوجة أب لاترحم فتسلمهم للشقاء والعنف اللفظى والجسدي الذى قد يستمر لسنوات بل والموت أحيانا فى ظل غياب الأب الذى لايستطيع مراقبة كل شئ ان كان مهتمًا أساسًا بمراقبة أولاده باعتبار أنهم فى منزله وتحت عينيه التي قد لاترى او تتجاهل البوادر والإشارات . عاد المشهد هذا بقوة فى جريمة الطفل ( احمد )التي سبقتها العديد من الجرائم المشابهة التى وقف امامها المجتمع مذهولا ثم عاد الصمت ليواجه ضحايا جددا مصيرهم الإهمال والتجاهل وعلى الطرف الاخرأمٌّ ملتاعة تترقب مصير أطفالها المتوارين عنها بفعل تعسف الاب وتجاهله للتوجيه الشرعي من الخالق جل وعلا الوارد فى القرآن الكريم ( ولا تضارّ والدة بولدها ) وكثيرا ما واجهتُ مثل هذه الحالات خلال عملي كأخصائية اجتماعية ولااستطيع ان انسى لوعة الأم التى قدمت الى المستشفى فى حال يرثى لها تستند على والدها عندما علمت ان طفلتها البالغة سنتين ترقد فى المستشفى فى حالة سيئة وقد فقدت بصرها جراء دفع زوجة الاب لها وكيف أجبر والد الطفلة زوجته على مرافقتها للمستشفى وتملّصها من تلك المهمة ومللها ورغبتها فى مرافقة الطفلة مما كشف الحقيقة لديّ باعتباري مباشرة للحالة ومن ثم اطلاعي على التفاصيل واستدعائي للأم المكلومة التى سارعت الى حضن صغيرتها وسرعان ما أفاقت الطفلة . وقد سعينا إلى عقد مصالحة عائلية انتقلت بها حضانة الطفلة الى والد أمها وهذا غيض من فيض مما أراه أنا وغيري ممن يمارس العمل الاجتماعي. ولكن إلى متى سوف يستمر الوضع كما هو عليه وكم من حالات الأطفال الذين يعانون من العنف فى الأسر التى تبذل قصارى جهدها ألّا تنكشف إلا فى حالة خروج الامر من يدها ووصوله الى اقصاه بعنف شديد أو موت . وباعتبار ان الأم هى المصدر الأساسي للحنان الذى يحتاجه الطفل فى طفولته الأولى لذا هي الأحرى والأهم والأولى بتربيته مع تواصله مع أبيه من خلال الزيارات المستمرة. فلماذا يترك موضوع الحضانة مع كل ما به من ملابسات ظهرت حديثا فى تكرار حالات العنف بلا نقاش جاد يخرج بقانون يمدد الحضانة للأبناء حتى بلوغهم الخمسة عشر عاما وهو عمر على الأقل يسمح لهم بتجنب جزء من العنف الذى قد يوجّه إليهم؟ خاصة أن مسألة الحضانة و مدتها مازالت خلافية بين المذاهب الإسلامية و لم يتم الاتفاق حولها على مدة محددة ، إذ أن «أصحاب المذهب الحنفي ذهبوا إلى أن حضانة الأم للأبناء تختلف بين الإناث و الذكور فيرون أن حضانة الذكور تبدأ من الولادة و تستمر حتى السابعة بينما تظل هذه الحضانة بالنسبة إلى الإناث حتى سن البلوغ أما المالكية فأكدوا أن حضانة الأم للذكور تستمر حتى البلوغ بينما تظل الأنثى في حضانة الأم حتى تتزوج و يدخل بها زوجها في حين يرى الشافعية أن الحضانة تظل حتى سن التمييز سبع سنوات ثم يخيّر الأبناء بين أن يكونوا في حضانة الأم أو في حضانة الأب ،إنه «بناء على المذهب المالكي يكون الاقتراح بزيادة مدة حضانة الأمهات للأبناء حتى 15 عاما جائز شرعيا ما لم تتزوج الأم فإذا تزوجت انتزعت منها الحضانة لكونها تنشغل بزوجها». يشترط لسريان الاقتراح بتمديد حضانة الأم المطلقة للأبناء أمور عدة أهمها: ألا تكون الأم ملزمة بحضانة الأولاد حتى 15 عاما أو الفترة الزائدة على مدة الحضانة المتعارف عليها إذ تكون الأم مخيّرة بين أن تستمر الحضانة لأبنائها حتى 7 سنوات أو حتى البلوغ فإذا رفضت الأم هذه المدة أو تزوجت انتقلت حضانة البنت الى أم الأب لا إلى الأب. ورغم هذ الاختلاف يجب ان نأخذ في الاعتبار ان تقدير العلماء القدامى لمدة الحضانة كان في ازمان مختلفة و في واقع حسن الذمم و رعاية القيم. فهل ينطبق هذا على الزمن الذى نحن فيه وما نلمسه ونراه ونسمعه من حالات يتعرض فيها الأطفال الى الإيذاء جراء انتزاعهم من حضانة الأمهات. ألا يجدر بنا طرح الموضوع بشكل جاد وإيجاد مخرج شرعي متوافق مع مقتضى الحال فى الوقت الحاضر، يجنب الأطفال الوقوع تحت نيْر الحقد والنفوس المريضة . ونتساءل هنا عن دور لجان إصلاح ذات البين من المسألة أم أن مهمتهم تنحصر فقط فى حالات الطلاق وتناسي ماينجم عنها من الأضرار التي تفوق الطلاق نفسه وتؤثر فى عدد من الأشخاص يتجاوزون الزوج والزوجة وهم الأبناء ضحية هذا الانفصال وهم الأهم فى رأيي. حريّ بوزارة العدل ان تدرس هذا الاقتراح بشكل عاجل للخلوص الى نتائج رحيمة بالأطفال وهم المستقبل السليم لا المشوّه او المقتول. [email protected]