لا يزال أهالي الشريط الساحلي محرومين من الاستفادة من منحهم السكنية بسبب الرمال الزاحفة التي مازالت مشكلة مستعصية على الحل رغم الوعود الكثيرة التي صنفها الاهالي تحت بند «الوعود الوهمية». ومع بدء موسم الصيف وهبوب الرياح الجافة الحارة في ساعات الظهيرة تتجدد معاناة قرى الشريط الساحلي مع مشكلة الزحف الرملي التي باتت شبحًا يهدد تلك القرى الواقعة في النطاق الجغرافي لمحافظة القنفذة. ويردد المواطنون في هذه القرى «لا نريد إنارة ولا ملاهي لأطفالنا، فقط نريد إنهاء معاناتنا من الزحف الرملي وانتظارنا قد طال كثيرا ونحن نلهث خلف المواعيد الوهمية من جهات الاختصاص». وتتفاقم هذه المشكلة عندما ترزح تحت تلك الكثبان مشاريع تنموية كلفت الدولة ملايين الريالات في ظل عدم وجود أحزمة شجرية تحد من تكونها وتحمي تلك المشاريع. «المدينة» عاشت معاناة البسطاء في قرى القنفذة من خلال هذا التحقيق: في البداية يقول المواطن الحسين بن محمد الجعفري من إحدى قرى مركز دوقة: تصاعدت شكاوى أهالي مركز دوقة بمحافظة القنفذة من عدم تسوية المخطط السكني لبلدتهم، لافتًا الى أن عمر المخطط يزيد على 20 عامًا ويبلغ عدد المنح السكنية فيه نحو 2000 منحة. وبدأ التخصيص للمواطنين في هذا المخطط بدءًا من عام 1422ه إلا أن الكثبان الرملية التي تكونت على مدى العقدين الماضيين تعوق الأهالي من الاستفادة من منحهم السكنية وبدء تعمير المخطط فضلًا عن غياب الخدمات الأساسية التي يجب أن تقوم بلدية المظيلف بإدخالها لتشجيع الأهالي على البناء. وأضاف إن معاناتنا مع الزحف الرملي لم تنتهِ بعد، حيث أصبحنا نعيش تحت الرمال وتهددنا الأمراض وخاصة الحساسية والربو وأصبحت أكوام الرمال تطاول المنازل حتى أن عددا كبيرا من سكان قرى دوقة هجروا منازلهم وشدوا الرحال الى عدد من المناطق المجاورة للبحث عن الراحة والاستقرار. ويتساءل علي الهيثمي أين مشاريع الأحزمة الشجرية التي تحمي مخطط دوقة المعتمد منذ الثلاثين عاما والذي داهمته الكثبان الرملية حتى امتنع الأغلبية من المواطنين عن استلام منحهم ويطالب بتسوية هذا المخطط الذي غطت معالمه الكثبان الرملية التي تشبه الجبال في ارتفاعها. الرمال مصدر قلق أما المواطن حسن العلواني فقال إن مشكلة الزحف الرملي أصبحت مصدر قلق يهدد حياتنا وحياة أبنائنا بالخطر وعملية إزالتها تكلفنا مبالغ مالية باهظة فنحن نضطر لتحرير منازلنا وطرقاتنا من خطرها فالكثير من المنازل يقبع تحت الأرض بعد أن غطت الرمال منازلنا وباتت مكشوفة لكل من يتنقل بينها. فيمات يقول سعيد المسعودي من قرية المساعيد بمركز المظيلف إن منازلهم تغيرت معالمها بالكامل وأصبحت الرمال تتساوى مع المنازل ويصل طولها الى 3 أمتار وأكثر واختفت معالم الطرق وأصبح السير عشوائيًا وبدون معالم وطالب بإقامة مشروع للتشجير بقرية المساعيد لحماية المنازل من السقوط. ويروي محمد يحيى الزبيدي معاناة أهالي قرية القشعة التابعة لمركز المظيلف يقول أصبحت الرمال الزاحفة هاجس الأهالي وهذه المشكلة باتت تؤرق سكان القرىة وتقلق منامهم وعملية إزالتها تثقل كاهلهم بالمبالغ المالية التي يدفعونها لتحرير منازلهم وطرقهم. ويناشد بضرورة دعم بلدية المظيلف بالمعدات والآليات لتقدم الخدمة المثالية للأهالي. وأشار بركات العبدلي من قرى وادي الأحسبة إلى أن قراهم تتعرض للزحف الرملي وفي كل عام نبدأ البحث عن معدات لإزالة الرمال عن منازلنا والكثير من الأهالي لا يستطيع استئجار معدات لعجزه المادي فيبقى الوضع مؤلمًا حول منازلهم حتى تكاد تختفي تدريجيا تحت الرمال وتطمس معالمها. وفي اتجاه مماثل يقول عوض المرحبي ومحمد المرحبي وذاكر المرحبي من قرية الذواكرة جنوب محافظة القنفذة إن معاناتهم التي مضت عليها أعوام عديدة مازالت قائمة وهم يعانون من الزحف الرملي كبارا وصغارا حتى اختفى الكثير من معالم القرية ومساكنها وأصبحت عدادات الكهرباء في متناول يد الأطفال لقربها من الأرض بسبب تزايد وتجمع الكثبان الرملية. مشاريع تحت الرمال من جانبه يقول عبدالرحمن حلواني إن مشروع الكلية التقنية والمعهد العالي للبنات المتعثر منذ ست سنوات بات محاصرًا تحت الرمال الزاحفة وتكاد الكثبان الرملية تغطي مراحل العمل التي نفذت قبل هروب مقاول المشروع. وطالب بتدخل عاجل من مؤسسة التعليم التقني والمهني لحماية هذا المشروع الذي توقفت مراحل العمل فيه منذ سنوات عديدة. ويطالب حسن عوض بحماية الطريق الدولي الساحلي الذي بدأ العمل في ازدواجه في المرحلة الثالثة بتكلفة 280 مليون ريال. ويرى أن الحل الأمثل في حماية هذا الطريق بالأحزمة الشجرية التي تحد من تكون الكثبان الرملية خاصة في أشهر فصل الصيف التي تزداد فيها سرعة الرياح التي تنقل الرمال الزاحفة. مشروع التشجير ووصف عدد من أهالي مركز دوقة مشروع التشجير الرامي إلى حماية قرى دوقة من الزحف الرملي بأنه مات قبل أن يولد على حد قولهم وتساءلوا عن مصير أكثر من 24 ألف شتلة من أشجار البزروميا التي باتت في مهب الريح دون وجود دراسة جادة وتخطيط علمي لزراعتها. وأكدوا أن قرى مركز دوقة مازالت تعيش تحت وطأة الرمال الزاحفة التي لا تلبث إلا أن تتحول إلى كثبان رملية تعمل على عزلة القرى عن بعضها البعض وتعوق حركة المواطنين وتغلق الطرق والمنافذ المؤدية إليها، واعتبروا أن عدم نجاح هذا المشروع يعد شرخا في خاصرة التنمية متسائلين عن غياب دور جهات الاختصاص التي من المفترض أن تتابع تنفيذ مثل هذه المشاريع التي تبذل عليها حكومتنا الرشيدة الشيء الكثير. تسوية مخطط دوقة في ميزانية السنة المقبلة كشف المهندس عماد بن عيد الصبحي رئيس بلدية المظيلف ان البلدية تعمل لخدمة القرى وفق الامكانات المتاحة لافتا إلى وجود مشروع لتسوية مخطط دوقة ضمن ميزانية العام المقبل وسيبدأ العمل فيه حال اعتماده. الشهري: استئناف العمل في مشروع تقنية القنفذة قال الدكتور عبدالله بن جابر الشهري رئيس مجلس التعليم التقني والمهني بمحافظة القنفذة عميد الكلية التقنية بالمحافظة إن العمل في مشروع الكلية التقنية بالقنفذة قد استؤنف بعد تسليمه لمقاول بديل عن المقاول السابق، ولا شك أن فترة التوقف السابقة قد أسهمت في تكون الكثبان الرملية حول ما تم انجازه من مراحل. وتمت إزالتها تمهيدًا لانطلاقة العمل في المشروع المقدرة مدته بعامين. باحثون ينجحون في ابتكار طرق حديثة لتثبيت الكثبان الرملية نجح فريق بحثي سعودي من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في ابتكار طرق حديثة لتثبيت الكثبان الرملية عبر استخدام مواد خام طبيعية لإيقاف زحفها والحد من المخاطر الناتجة عنها والتي تؤثر في التركيبة السكانية والعمرانية والمزارع والطرق. حيث تمكن أساتذة في كلية الهندسة، من الحد من مخاطر زحف الرمال على الطرق الصحراوية والإسهام في استصلاح الأراضي الصحراوية للإفادة من تنميتها عمرانيا وصناعيا، وأهم ما يميز هذا الابتكار أنه يغني عن الطرق التقليدية القديمة التي كانت تعتمد على الوسائل الزراعية والكيميائية المكلفة ذات التأثير البيئي، التي تستغرق عدة سنوات لتماسك الكثبان الرملية. وقال الدكتور محمد أبو شوك المشرف على الفريق البحثي إن الابتكار الحديث يسهم في الحد من مخاطر الكثبان الرملية المتحركة في المملكة على التطور الحضري والتي تتسبب في إغلاق بعض الطرق، وظهور المشكلات الصحية التي يسببها الغبار لقاطني المدن والقرى التي تتعرض للعواصف الترابية بتحرك رمال تلك الكثبان. ويتمثل الابتكار في خلط مساحيق من مواد خام طبيعية من محاور متعددة في الطبقة العليا للكثبان الرملية في أزمنة مختلفة للحصول على أفضل درجة في الخواص الهندسية للكثبان الرملية الناتجة لمقاومة الزحف والغبار جراء الرياح العاتية بأقل كمية وعمق وجهد وأقصر وقت. وتعتمد طرق تثبيت الكثبان الرملية على خام البنتونايت الخامل واستخدام خواصه في التجانس ودرجة التماسك المرتفعة والمميزة للخام الطبيعي الخامل، بحيث تتماسك حبيبات الكثبان الرملية مع الخام المضاف بنسب مدروسة وبعمق مقدر، وذلك من خلال معرفة كل من درجة النشاط والتماسك، تناسب المخلوطات، دليل الانتفاخ الحر، دليل الليونة، سعة التبادل الأيوني، المساحة السطحية للترابط، وقياس دقات الاختراق تحت ظروف متنوعة، بحيث تنتج طبقة متجانسة متماسكة بعمق لا يتجاوز مترا واحدا غير قابلة للانقشاع بفعل الرياح الصحراوية العاتية، وحفظ الرطوبة الكامنة في طبقات الكثبان الرملية المطلوبة لبعض النباتات.