أخرج الممثل الروسي ميخائيل كوزاكوف للسينما العالمية أفلامًا ما زالت عدة أجيال من المشاهدين تتابعها بشغف: منها: «بوابة بوكروفسكويه»، و«نجمة بلا اسم»، و«الحفلة التنكرية»، و«فاوست» وغيرها بالإضافة إلى مشاركته في عدة أفلام قام فيها بأدوار رئيسية. وقد رحل الفنان الممثل الروسي الرائع ميخائيل كوزاكوف (1934-2011) الذي جسّد خيرة سمات الانتلجنسيا المسرحية الروسية في القرن العشرين، في 22 أبريل 2011، بعد صراع طويل مع المرض، وعرفه الجمهور المسرحي في عروض مسرحيات شكسبير وتشيخوف وغوغول وغوركي وابسن واوسكار وايلد وادمون روستان. ولد كوزاكوف عام 1934 في مدينة لينينغراد (بطرسبورغ حاليًا). وعلى الرغم من أنه نشأ وسط أساطين الأدب الروسي مثل أخماتوفا وباسترناك وزوشينكو، وأن أباه كان كاتبًا معروفًا، فإن الشاب اختار فن التمثيل مهنة له. ميخائيل كوزاكوف هو الممثل والمخرج الذي دخلت أعماله في عداد كنوز المسرح والسينما الروسيين، وفي رصيده عشرات الأدوار المسرحية والسينمائية المميزة، وقد قرر في أواخر السبعينيات من القرن الماضي أن يجرّب نفسه في إخراج الأفلام، ومن أبرزها «بوابة بوكروفسكي»، وهو الفيلم التلفزيوني الذي أحيا ذكريات الخمسينيات في نفوس أهالي موسكو الأصليين. بعد التخرّج من أستوديو مسرح موسكو الفني، بقي كوزاكوف في العاصمة الروسية، حيث أتاح له الحظ أن يبدأ عمله في مسرح ماياكوفسكي بأداء دور يحلم به الممثلون جميعًا وهو دور الأمير الدنمركي «هاملت» في مسرحية شكسبير الشهيرة. وفي الوقت نفسه، خطى الممثل خطواته الأولى والناجحة في مجال السينما، حيث جسّد شخصية الشاب الخائن في الدراما السياسية «اغتيال في شارع دانتي» من إخراج ميخائل روم، ويمكن القول إن الفنان الشاب استيقظ مشهورًا بعد ظهور هذا الفيلم على الشاشات السينمائية الروسية. كما برز كوزاكوف بعد سنوات في الفيلم الرومانسي «إنسان برمائي» الذي لعب فيه دور الشرير الرئيسي. لكن نشاطه السينمائي لم يشغله عن العمل المسرحي، فكان على مدى حياته يقوم بالبحث المستمر عن تجارب فنية جديدة ولم يرضا بما حققه. عمل في عدة مسارح معروفة منها مسرح «سوفريمينّيك» ومسرح موسكو الفني ومسرح «لينكوم»، كما صقل مهارته التمثيلية وتعلّم أصول الإخراج على أيدي المخرجين البارزين الثلاثة: نيقولاي أوخلوبكوف وأوليغ يفريموف وأناتولي إيفروس. بدأ كوزاكوف حياته الفنية بعد التخرّج في المدرسة المسرحية التابعة لمسرح موسكو الفني في عام 1956، حيث انضم مباشرة إلى مسرح ما ياكوفسكي وقام بدور «هاملت» في المسرحية الشكسبيرية التي أخرجها نيقولاي اوخلوبكوف أحد عمالقة المسرح الروسي في القرن العشرين. وفي عام 1959 انتقل كوزاكوف إلى مسرح «سوفريمينيك» بقيادة أوليج يفريموف وعمل فترة 10 أعوام وأدّى أدوار سيرانو دي بيرجيراك ودور مدير التشريفات في مسرحية «الملك العاري» لشفارتس ودور كيستوتشكين في مسرحية اكسيونوف «كل شيء للبيع دائما» ودور جيري راين في مسرحية «اثنان في أرجوحة» لأبسن. وفي عام 1970 انتقل للعمل في مسرح موسكو الفني لدى تعيين يفريموف كبيرًا للمخرجين فيه، فقام بأداء أدوار في مسرحية «الزوج المثالي» لأوسكار وايلد و«فالنتين وفالنتينا» لروشين. وبدأ كوزاكوف عندئذٍ نشاطه في الإخراج، فأخرج مسرحية «الجدة النحاسية» بقلم ليونيد زورين،. لكن هذا العرض لم يُقدم إلى الجمهور. وانتقل كوزاكوف للعمل في مسرح ماليا برونايا وشارك في عروض «الزواج» لغوغول و«شهر في القرية» لتورجينيف و«دون جوان» لموليير، كما أخرج في المسرح نفسه «بوابة بوكروفسكويه» لزورين و«روح الشاعر» ليوجين أونيل، كما دُعي إلى مسرح «لينكوم» لأداء دور بولونيوس في عرض «هاملت» من إخراج جليب بانفيلوف. أما في السينما فقد أدّى أدوار شخصيات متميزة في سلوكها، كما في «جريمة قتل في شارع دانتي»، و«مرحبًا أنا عمتكم»، و«الرجل- السمكة»، و«قبعة القش» وغيرها. وجلبت له هذه الأدوار الشهرة لدى الجمهور. وفيما بعد بدأ بنفسه بإخراج أفلام سينمائية حازت على إعجاب المشاهدين، منها «بوابة بوكروفسكويه»، و«نجمة بلا اسم»، و«الحفلة التنكرية»، و«فاوست»، و«زيارة سيدة»، و«حفلة عشاء بأربع أيدي» (عن الموسيقيين باخ وهندل) وغيرها. حصل كازاكوف على لقب «فنان الشعب السوفيتي» وجائزة الدولة في الاتحاد السوفيتي في مجال الفن المسرحي وجائزة الأخوين فاسيلييف في روسيا الاتحادية ووسام الاستحقاق لخدماته في تطوير الفن المسرحي في روسيا.