قال الضَمِير المُتَكَلّم : تساءل عقلي البليد يوماً : لماذا يصرخ الوَلِيد ( العَربي تحديداً ) عندما يخرج من رحِم أمه ؟! لماذا يبكي وقد خرج من السّجْن إلى الكون الفسيح ؟! طبعاً من السهل الوصول لتحليلات علمية ، فالشيخ ( Google) موجود وجاهز للعرض ؛ ولكن عقلي العربي البليد حاول أن يمارس الفلسفة ، فتقمص دور ( أفلاطون ) ، ثمّ بعد تفكير عميق ، بصحبة ثلاثة أدوار من شَراب الشاي الأخضر على الطريقة الشنقيطية اللذيذة جاء المخاض بهذه السفسطة الكلامية الهولامية الميتافيزيقية المنبثقة : ( فبكاء المولود العربي ) الخارج إلى بعض دنيا بني يَعْرُب ؛ فسّره مخيخي بأنه بكاء حزن على مغادرة عشه الصغير الآمِن ، إلى سِجن الحياة الكبير !! لأن ذلك الجَنين يُحِسّ ويرى ويسمع ؛ وإن كان لا يتكلم ؛ إلا أنه يتألم لما يراه في الخارج معبراً عن ذلك برَفَسَات لبَطْن حاضنته الحنون وكأنه يقول : لا لا يا أماه لا أريد الخروج ) !! لا أريد الخروج فأنا هنا في رَحِمك أنعَمُ بالطعام والشَراب دون مهانة ، أما في عَالَمِ أغلب العُرب فلقمة العيش مَسلوبة فقد سرقها ( الزعيم وزبانيته ) ، وإن وجدت فهي معجونة بالذلّ والهَوان ! ( المولود العربي ) يصرخ : لا أريد الخروج ؛ فأنا هُنا رغم ضيق المكان أتنفس الحرية والعدالة ؛ أمّا في اغلب دنياكم يا عرب فرغم سعة المكان وفسحة الزمان ؛ إلا أنّ حرية الإنسان وكرامته مسلوبة فهو مواطن بلا وَطَن ؛ إذ هو أجيرٌ في إقطاعية يملكها ويتصرّف فيها الزعيم المَبَجّل ! والبشر في تلك الإقطاعية إنما يعملون فقط كيما تتورم حِسابات الزعيم وشِلّته بالمليارات من الدولارات ! ( المولود العربي ) يُنَادي : تكفون لا أرغب في الخروج ؛ فلو خرج شَعْبُ بعض تلك الإقطاعيات بحثاً عن نسمَة الحرية والعدالة الاجتماعية ؛ فإنه يتحول من جنس بني الإنسان إلى مجموعة من الجُرذان والفئران المأجورة ؛ لابد من سحقهم بالدبابات وراجمات الصواريخ ! ( المولود العربي ) : يستغيث أرجوكم لا أريد الخروج فأنا هنا غارق في الرعاية والعطف والحنان ؛ أما عِيْشَتِكم يا بني جنسي فليس فيها أمان ؛ فمسئول ينهب حقّ مواطنٍ ، ويقضي على مستقبله بكلمات مِن قَلَم ، وتاجِر جَشِع يستولي على دُرَيْهِمَاته ويأكل منه العظم واللحم ، ويمصّ حتى الدّم ! ( المولود العربي ) يهتف لا أريد الخروج ؛ فعَالمَكم العجيب ، فيه حتى الدَّين جعله البعض وسيلة لاتهام المرء وذبحه وسَلخِه ، في عَالَمِكم تيارات وصراعات وتوجهات ، أما أنا هنا فأَدِيْن الله على الفطرة!! عَرفتم تفسير عقلي الصغير لسبب بكاء المولود العربي ! أحدكم يقول الآن : وكذلك ( المولود الغربي يبكي في مستهلّ حياته ) ، وأقول نعم هو يبكي لكنه بكاء البهجة ، ودموعه دموع الفرح !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .