اعتاد المواطن العربي منذ الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر من العام الماضي وحتى اليوم على متابعة ورصد ما يدور في أكثر من عاصمة عربية تحت عنوان جمعة الغضب تارة، وجمعة الرحيل تارة أخرى، وجمعة الصمود تارة ثالثة، حتى بات يوم الجمعة من كل أسبوع مناسبة للإعلان عن مرحلة ما من مراحل الحراك او التفاعل، دفعًا لفعل أو توقيًا لخطر، وبقدر ما أنعش ذلك بعض وسائل الإعلام التي كانت تشكو نقصًا في المواد الخبرية أو الإعلامية في يوم عطلة عربي، تشحّ فيه الأخبار وتندر الحوادث، فقد فتح أبوابًا أخرى للانفلات أحيانًا، وللتفلّت في أحيان أخرى، إلى الحدّ الذي بات يعرّض المصالح الوطنية في غير قطر عربي لمخاطر حقيقية أقلّها إبطاء وتيرة النمو، وأبعدها تعريض وحدة الأوطان واستقرارها وسلامتها للخطر. وفيما يستعد مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية لتوديع الأمين العام المنتهية ولايته عمرو موسى واستقبال الأمين العام الجديد نبيل العربي، فإن ثمّة فرصة الآن في لحظة التسليم والتسلّم لابد من اغتنامها للدعوة من أجل جمعة للعمل العربي المشترك، وفق رؤية تستوعب حقيقة المتغيّرات على الأرض في طول الوطن العربي وعرضه، وتسعى لإحداث تنمية سياسية وبشرية حقيقية، من شأنها إن جرت تحت سقف بيت العرب، أن تصون المكتسبات العربية وأن تحول دون انفراط العقد العربي. الذين خرجوا في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، كانوا يطالبون بتنمية سياسية وبشرية حقيقية في أوطانهم، تكفل احترام الحقوق الأساسية، والالتزام بالمواثيق الدولية التي وقّعت عليها حكومات بلادهم، وتضمن لهم بعض الأمل في مستقبل بلا بطالة، ولا مرض، ولا جهل، مع فرص متكافئة في التعليم والرعاية الصحية والعمل، وكلها مطالب تقول حكومات بلادهم إنها عملت على تحقيقها، وتعد بمزيد من العمل على إنجازها، غير أن ثمّة حاجة إلى إطار عربي عام للمساهمة في تحقيق تلك الغايات، عبر عمل عربي مشترك ترعاه جامعة الدول العربية، ضمن تصوّر يستوعب المتغيّرات ويعمل على التكيّف معها. ميادين الجمعة في غير بلد عربي، سوف تستعيد هدوءها ورونقها، إن استعاد هؤلاء الشباب الذين خرجوا بحثًا عن فرصة متكافئة في التعليم والرعاية الصحية والعمل، وهو ما لا يمكن ان يحدث دون رؤية عربية جامعة، تعيد صياغة أهداف جديدة للعمل العربي المشترك، و تستطيع إعادة المصداقية لقدرة النظام الاقليمي العربي على مداواة علله، ومعالجة أوجه القصور فيه، بدلا من انتظار الحلول من الخارج، سواء عبر قاذفات الناتو، أو عبر نصائح وخطط قوى اقليمية غير عربية لها حساباتها الخاصة ومصالحها التي تتقدم بالطبع مصالح أطراف قبلت أن تكون فى موضع متلقي النصيحة أو منتظر الهبات.. مطلوب جمعة للعمل العربي المشترك.