صدر مؤخرًا عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كتاب جديد يحمل عنوان «القدس: المدينة والثقافة والمصير» في طبعة أنيقة تجاوزت مائة وخمسين صفحة تضمنت مجموعة من الدراسات باللغات العربية والفرنسية والانجليزية هي حصيلة أعمال الندوة الدولية التي عقدتها منظمة الألكسو يومي 4 و5 مايو 2010 بمعهد العالم العربي بباريس في إطار مساهماتها في احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، وفي هذه الندوة الدولية طرحت عدة مسائل تهم مدينة القدس حاضرًا ومستقبلاً في مواجهة محاولات التهويد وطمس الهوية العربيّة للمدينة كما دعت إلى إيقاف الحملات المنتظمة التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي شنّها على سكان القدس العربي وفرض المزيد من الضغوطات عليهم لترحيلهم تنفيذًا لسياستها التعسفية لتغيير ملامح المدينة وخصوصياتها ديمغرافيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا، وفي هذا السياق نذكر مداخلة الدكتور سعيد النتشة التي حملت عنوان «الحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى المبارك: اشكالياتها ومراحلها وأهدافها ومناهجها» والتي تعرض فيها إلى جملة من المحاور من بينها (علم الآثار في إسرائيل هاجس وطني وسياسي ) الندوة الدولية التي اختارت المنظمة العربية للتربية والعلوم مدينة باريس لاحتضانها جاء بهدف إنارة الرأي العام الفرنسي والأوروبي لتسليط الأضواء على الوضع الراهن لمدينة القدس مع التركيز على تاريخها ومعمارها وأهميتها الحضارية والدينية على مدى قرون طويلة بالإضافة إلى إبراز أثر الحضارة العربية الإسلامية في مجال قيم التسامح وتعايش الأديان والوسطية فضلا عن روائع العمارة والزخرفة التي أنشئت على مدى إثنى عشر قرنًا.، هذا الكتاب تضمن المداخلات التي قدمتها مجموعة من أبرز الباحثين المختصين في تاريخ القدس وتراثها ومجتمعها عرفوا على المستوى العالمي بالموضوعية في التعامل مع قضية القدس خاصة والقضية الفلسطينية بصفة عامة بكل ما يتطلبه البحث الأكاديمي من دقة علمية دون أن تكون بعيدة عن المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني وفي مقدمته سكان القدسالشرقيةالمحتلة، وقد بدأ واضحًا أن مداخلات المشاركين استندت إلى دراسات وأبحاث ميدانية وإلى وثائق تاريخية فضلاً عن اعتمادها على القانون الدولي الذي يعتبر القدسالشرقية محتلة ولا حق للسلطات الإسرائيلية المس من وضعها التاريخي والجغرافي البشري، وهي ملزمة بالحفاظ عليها وعلى سكانها طبقًا للمعاهدات الدولية والقرارات الأممية في حين ترتكب إسرائيل كل التجاوزات التي تمكنها من تهويد المدينة وتغيير ملامحها مع محاولاتهم المتكررة لضم المواقع التراثية العربية إلى قائمة التراث الإسرائيلي وهو ما يرفضه المجتمع الدولي الذي يطالب دومًا بأن تكون هذه المدينة المقدسة مفتوحة أمام أتباع الديانات الثلاث مع المحافظة على خصوصياتها الحضارية والمعمارية والبشرية. ويندرج إصدار هذا الكتاب العلمي والثقافي ضمن إسهام «الألكسو» في جهود مساندة القضية الفلسطينية ودعم مدينة القدس في مجالات تخصصها الثقافي والتربوي والعلمي.