جريمتان متتاليتان نفذهما النظام السوري في سوريا ضد طفلين لم يتجاوزا الخامسة عشرة من العمر، مع تذكّر أن النظام قد ارتكب مجازر قبل هاتين الحادثتين -ولا يزال حتى الساعة- إذ بلغ عدد القتلى قرابة الألفين، عدا عشرات الألوف من الجرحى، ومن المعتقلين. الأولى كانت ضد الطفل حمزة الخطيب من درعا، التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد النظام، فكان مصير حمزة التعذيب الشديد، ثم القتل المريع. وقبل يومين، أو ثلاثة عُثرت على جثة الشاب ثامر الشرعي، وعمره 15 عامًا، وقد أُطفئت السجائر في جسده الغض، وخُلعت أسنانه سنًّا سنًّا؛ كي يذوق الألم الشديد، والعذاب المبرّح، ثم كُسرت رقبته ليموت بعدها. في الصورة التلفزيونية المبثوثة عبر الفضائيات، واليوتيوب تهتز الرقبة كأنها قطعة قماش يمنة ويسرة؛ ممّا يثبت التعذيب المروّع المنتهك لكل معاني الإنسانية في أبسط صورها. هل نذكر نحن الأحياء العرب مصرع الشاب محمد الدرة قبل سنوات عديدة على يد قنّاصة صهيوني غادر؟ ووالله إن قتلته لأرحم كثيرًا من مقتلة هذين الشابين. رصاصة وانتهى الأمر. صحيح أن الألم الذي أصاب ذويه، وأصابنا جميعًا، لم يذهب حتى الساعة. لكن مجرد تصوّر آلة التعذيب السورية يصيب الإنسانية في مقتل، فكيف بوشائج الدم والعروبة، إلى آخر المنظومة الكاذبة التي يتغنّى بها حزب البعث الأخرق، الأهوج. يوم قُتل محمد الدرة خرجت الجماهير ثائرة في معظم أرجاء الوطن العربي، من المحيط الهادر، إلى الخليج الثائر، تباكت الأنظمة، وصاحت الجماهير، ولُعنت إسرائيل ألف مرة. أمّا اليوم فلا بواكي لحمزة الخطيب، ولا لثامر الشرعي في عالمنا العربي المجيد. لقد صدقت مزاعم إسرائيل حين تتشدق دومًا بأن نظامها العنصري البغيض أكثر رأفة بالفلسطينيين من بعض الأنظمة العربية البائسة، التي يصدق فيها قول الشاعر: أسد عليَّ وفي الحروب نعامة تجفل من صفير الصافر بالله أيّ مصداقية تبقى لنظام يفني شعبه، ويقتل أطفاله، ويبيد مدنه بدم بارد، لا يرقب في أيّ معارض إلاًّ ولا ذمةً. قاتلهم الله أنّى يُؤفكون... [email protected]