نظمت جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي قبل يومين “يوم دراسي” بمقر الأرشيف التونسي تحت موضوع “الأزمة الليبية وتداعياتها على الساحة المغاربية”، حضره ثلة من الجامعيين المختصين في الموضوع شخّصوا الأزمة من مختلف جوانبها وقدموا قراءات عميقة في شأنها كانت في مجملها كثيرة التشاؤم (خاصةً) من قبل الجامعيين التونسيين بمن فيهم الدكتور المنصف وناس المختص في دراسة الشأن الليبي بالجامعة التونسية. واعتبر المشاركون أن الثورة الليبية تحولت في وقت قصير إلى انتفاضة مسلحة يقتل فيها الليبي شقيقه الليبي وكان من الأجدر أن تعالج مطالب المحتجين معالجة ديمقراطية وأن تجد الأزمة طريقها إلى الحل في سياق البيت الليبي لكن الوضع أعقد بكثير من مجرد الاحتجاجات وبات الليبي يقتل أخاه الليبي بعد انسداد الحوار بين أصحاب البلد الواحد. كما رأوا أن دخول الأزمة مرحلة التدويل هو محنة لأن التدويل مثلما خبرناه في العراق لن يؤدي إلاّ إلى تفكيك أوصال المجتمع الليبي وتدمير روحه واقتلاع جذوره، فالتدويل يدمر الإنسان قبل أن يدمر البنيان لأن الدمار المادي يمكن أن يعوض بالذهب الأسود لكن دمار الروح والشعور المشترك يحتاج إلى وقت طويل حتى يتعافى. فيما قال الجامعي الليبي عمران القييب: ان ما جرى ويجري في ليبيا هو ثورة وليس صراعًا على الحكم بين القذافي ومعارضيه وأن العدوان الحقيقي هو عدوان داخلي وليس خارجيًا، قام به معمر القذافي وكتائبه ضد شعب أعزل وأن التّدخل الخارجي جاء كردة فعل لما قام به القذافي وبناء على طلب الشعب الليبي ومن أجل مساعدته على التحرر من رقبة القذافي وليس بقصد الاستعمار ونهب خيراته وفي أسوا الأحوال وفي حالة أبانت الأحداث في المستقبل عن نية مبيّتة لوضع اليد على ليبيا من طرف دول التحالف فإن الأمر لا يعدو أن يكون استبدال استعمار باستعمار، بل باستعمار متقدم متطور باستعمار جاهل متخلف. ويؤكد عمران القييب (بجامعة الزاوية بليبيا) أن ما يحدث في ليبيا هو ثورة مثلها مثل الثورة التونسية والثورة المصرية، قائلًا: المختلف فيها هو استخدام السلاح.. السلاح الذي أُجبر الثوار على استخدامه.. بعد أن استعمل القذافي كل ما يملك من أسلحة تجاه شعب أعزل، وأمام هذا الوضع نتساءل عن الطريقة التي يمكن بها مواجهة هذه القوة الغاشمة ولو كنتم مكاننا ماذا ستفعلون؟ هل فعلًا سترفضون التدخل الخارجي؟ بل سترفضون حتى الحظر الجوي؟ هل ستكتفون بمواجهة هذه القوة بالبنادق البسيطة، أم تستسلمون لهم وتتركوهم يغتصبون ويحرقون ويقتلون ويمثّلون بالجثث ويدفنون الجرحى أحياء كما فعلوا في مدن أخرى؟ واختتم الجامعي الليبي قائلًا: أناشدكم أن تعيدوا النظر في فرضيتكم فما يحدث في ليبيا هو ثورة بكل معنى الكلمة وأن العدوان على ليبيا هو عدوان داخلي وأن التدخل الخارجي هو من أجل حماية الشعب الليبي وأن أصوات الطائرات فوق سماء ليبيا هي معزوفات ينتشي بها الشعب لأنها تستهدف عدو الشعب الليبي الذي هو القذافي وليس الشعب الليبي الذي يحمل مشروعًا سياسيًا وثقافيًا واجتماعيًا وحق المواطنة التي حُرم منها.