مزايا يسيل لها اللعاب أوقعت الكثير من المواطنين في شراك التأجير المنتهي بالتملك منها سهولة الاجراءات وعدم وجود الكفيل وسرعة استلام السيارة أو المنزل في غضون ساعات.. جعلت الكثير من البسطاء وذوي الحاجة يوقعون عقودًا جائرة مع شركات بيع السيارات أو شركات التمويل ضد أنفسهم لا يكتشفونها إلا بعد فوات الأوان. عندها يجد المواطن نفسه وقد وقع ضحية نظام لا يتوخى العدالة أوجدته بعض هذه الشركات لضمان حقوقها واستنزاف المواطن لعدة سنوات دون وجود ضمان لحقوقه. “المدينة” طرحت القضية لنقل معاناة المواطنين ونقلت رأي شركات التمويل واستشهدت بآراء علماء الدين وأعضاء الشورى ووزارة التجارة من خلال هذا التحقيق: بداية اعتبر عبدالله باسندوة نظام التأجير المنتهي بالتمليك عبارة عن نظام رهن فالشقة أو السيارة تكون ملكًا للجهة الممولة حتى تسديد آخر دفعة. ونظام التأجير المنتهي بالتمليك يستحوذ على أكثر من 60% من مبيعات السيارات في المملكة وهي نسبة كبيرة وقد وضع مواده لصالح الشركات على حساب المواطن الذي وجد نفسه مجبرا على امتلاك سيارة بنظام التأجير مع جهل تام بمواد ولوائح هذا النظام الذي يصب في مصلحة الشركات والبنوك الممولة له. ويضيف علي العبدلي إن شركات التمويل تضخ ما يزيد على 8 مليارات لاستثماراتها في نظام التأجير المنتهي بالتمليك المدعوم بحملات دعائية وترويجية وتسهيلات لجذب المواطنين فضلًا عن أن هذا النظام يستحوذ على نسبة كبيرة من مبيعات السيارات في المملكة فالكثير من المواطنين يوقعون عقودًا تفتقد للعدالة مع شركات بيع السيارات أو شركات التمويل بعد أن ينخدعون بمغريات وتسهيلات هذا النظام ثم تتضح لهم الحقيقة المرة أنهم وقعوا عقودا ضد أنفسهم وليست في صالحهم لا يكتشفونها إلا بعد فوات الأوان. عندها يجد المواطن نفسه وقد وقع ضحية نظام جائر أوجدته تلك الشركات لضمان حقوقها واستنزاف المواطن لعدة سنوات دون وجود ضمان لحقوقه. وحذر أحد العاملين في إحدى شركات السيارات المشهورة في المملكة من التورط في نظام التأجير واعتبره يصب في صالح الشركات التي تتفنن في استنزاف المواطنين المجبرين على الشراء بنظام التأجير ومص دمائهم حتى الرمق الأخير فيبدأ الاستنزاف بتوقيع العقد بشروطه الجائرة التي تتجاوز الثمانين شرطا وضعت لتصب في مصلحة الشركة وضمان حقوقها وتقتقد للتوازن في الحقوق والواجبات بين طرفي العقد فيصبح طرف الشركة هو جانب النفوذ والقوة وجانب المواطن هو الجانب المغلوب على أمره الذي لا خيار له سوى الموافقة على شروط الشركة. المخرج الوحيد للشركات ويرى (ى ع) أحد العاملين في شركات السيارات أن تغيير مسمى العقد من نظام منتهي بالتمليك إلى عقد تأجير مع الوعد بالتمليك ليصبح جائزًا شرعًا جاء في مصلحة شركات السيارات لأن التسمية والصيغة السابقة للعقد التمليك فيها مؤكدة، وتأتي ضمن شروط العقد، أما الثاني فمجرد وعد بالتملك تقدمه الشركة للمستأجر وفي النهاية لها الخيار بتمليكك السيارة من عدمه. واعتبر أن كلمة الوعد بالتملك الواردة في العقد باتت هي المخرج الوحيد للشركات ليصبح العقد جائز شرعا وتصب في صالحها كونها أصبحت قادرة على استعادة السيارة في أي وقت ولم يعد يحكمها غير الوعد الذي يمكن التنصل منه بأي حجة توردها الشركة. ويعلق حسن الجفري إن بنوكنا وجدت ضالتها في القروض التمويلية وقدمت مغريات لجذب المواطنين بتسهيلات وهمية لأنها وجدت أرباحا ضخمة ومن المؤسف فعلا أن تعاملات معظم البنوك تبدو أنها سليمة من الناحية النظرية، ولكنها ظالمة للعملاء ومربحة للبنوك من الناحية الفعلية ربحًا يسيل له اللعاب طمعًا في التهام أكبر قدر من الكعكة الإسلامية التي لا يمكن تفويتها. أستاذ فقه: استبعاد الشروط الفاسدة بالعقد قال الدكتور صقر بن أحمد الغامدي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية وأستاذ الفقه المقارن بفرع جامعة أم القرى بمحافظة القنفذة انه لأنه لا يمكن شرعا أن ينتهي عقد الإجارة (بيع المنافع) تلقائيا بالبيع والتمليك (بيع الأعيان)، ولا يصح شرعا أن يكونا في عقد واحد؛ إذ إن عقد الإجارة يختلف تماما من حيث الآثار عن عقد البيع، والجدير بالذكر أن هذا العقد عند أول ظهوره عرض على مجلس هيئة كبار العلماء وصدرت الفتوى بعدم جوازه ثم تتابعت دراسات أكاديمية وبحوث فردية لبعض العلماء وطلبة العلم بينت أن ما صدرت به الفتوى لهذا العقد إنما هو لصورة واحدة من صوره المتعددة، وأن هذا العقد له صور كثيرة يمكن تصحيحها بإلغاء الشروط الفاسدة وبتصحيح صورة العقد بأن يكون في عقدين منفصلين: الأول: عقد إجارة مستوفي الأركان والشروط يتلوه: ثانيا: عقد بيع بقسط مستقل يكون ثمنا لتلك السلعة مع إلزام المؤجر بالوعد. وأما رأيي في شكوى بعض المواطنين من الشركات أو الأفراد الذين يتعاملون بهذا النوع من العقود فكثير من ذلك في غير محله لأنه من المعلوم أن الدخول في أي عقد ابتداء إنما يكون عن رضى واختيار، وسبب تلك الشكوى راجع في تقديري إلى أحد أمرين: الأول: أن مقصود المتعاقدين من هذا العقد هو البيع ولكن توصلا إليه عن طريق عقد آخر مشروع وهو عقد الإجارة: فالطرف الأول وهو الزبون يقصد البيع والتملك فيتساهل في بداية العقد في قبول كل ما يملى عليه من شروط إضافية على الشروط الأساسية المعروفة لعقد الإجارة تحت وطأة الحاجة والإغراء بعدم اشتراط الكفيل ونحوه، فضلا عن عدم التصور الكافي للالتزامات المترتبة على هذا العقد اللازم حال الإخلال بشيء من شروطه كعدم التسديد ولو لقسط واحد في بعض الأحيان، والطرف الثاني لجأ إليه كضمانة قوية في استيفاء الثمن وهو إبقاؤه للسلعة في ملكه تحت غطاء عقد الإجارة ليتمكن من فسخ العقد عند الإخلال بدفع الأقساط أو بعضها واعتبار ما تم دفعه أجرة عن تلك المدة وهذا ما لا يرضاه الزبون بالطبع لأنه إنما رضي بتلك الأقساط المرتفعة من أجل تملك السلعة. وثانيا: وجود بعض الصور التعسفية في استيفاء الحق من قبل الشركة كسحب السيارة بدون حكم قضائي كوسيلة سريعة وفعالة في الضغط على الزبون. وأضاف الدكتور الغامدي أن الحل يكمن في التوعية بجميع الوسائل الممكنة بصورة هذا العقد الجديد في اسمه والقديم في مضمونه، إذ هو مركب من عقدين شرعيين جعل أحدهما مقدمة للآخر. وأن يسلك كل من الطرفين الطرق المشروعة في استيفاء الحق دون تعسف ولا اعتداء. ونذكر هنا أن الوفاء بمقتضى العقد والوعد ديانة لله تعالى، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود). عضو في الشورى: نظام جديد يحدد العلاقة بين المؤجر والمستأجر أكد عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بن عبدالله بري أن مجلس الشورى أنهى نظام الرهن العقاري وهو يشمل أربعة أنظمة منها نظام يطلق عليه الإيجار التمويلي وهو في جزء كبير منه يعرف بالإيجار المنتهي بالتمليك وهذا النظام يتركز على الأراضي والسيارات والشقق السكنية والأصول كمعدات وآلات المصانع أو أي أصول يمكن أن ينطبق عليها هذا الموضوع، وكذا فإن العقار جزء مهم من هذا النظام ومن الممكن أن يتم انتقال الملكية عن طريق الإيجار في البداية، والتأجير يمكن أن يكون ضمن شروطه أن ينتهي بالتمليك وهو إيجار على أقساط لكن ضمن العقد إما أن يكون دفعة كبيرة مقدمًا أو دفعة صغيرة. وأضاف أن العقد في هذا النظام تكون فيه صيغة الدفعات هي علاقة بين المشتري والبائع أو المؤجر والمستأجر، ويمكن أن يخلق تنافسًا بين البائعين ويمكن أن يطلق عليه إيجار تمويلي وهو منطقي من ناحية النظام لأنه يسمح بانتقال الملكية في النهاية، وقد يكون ذلك وفق شروط معينة أما الشركة المنافسة قد تعطي شروطًا أفضل والشروط الموجودة في العقد بين البائع والمشتري أو المستأجر والمؤجر فلا يتدخل النظام في كيفية الدفعات على سبيل المثال، وإنما النظام يحدد العلاقات بشكل واضح جدًا أي أن كل شيء يكون مكتوبًا والمدة تكون محددة ويجب أن يكون العقد واضح فمثلًا سيقوم بصيانة هذا الأصل؟ ومن سيقوم بالتأمين على الأصل؟ فماذا لو هلك الأصل من يتحمل مسؤولية هلاكه، المؤجر أو المستأجر؟ وأكد الدكتور زين العابدين أن هذا النظام له جوانب كثيرة تحدد العلاقة بين المؤجر والمستأجر في حالات الأصل ومن أمثلة ذلك أن المؤجر هو الذي يتحمل هلاك الأصل ما لم يكن هناك تفريط او سبب كان وراءه إهمال أو تفريط من قبل المستأجر أما إذا كان السبب واضحًا جدًا فربما يكون هناك من يتحمل التبعة وهو المستأجر ولكن في الاصل أن المؤجر هو الذي يتحمل، أيضا المؤجر هو الذي يتحمل تبعة التأمين على سبيل المثال. وانتقد الدكتور بري تساهل الكثير من المواطنين في دراسة اصل العقد قبل التوقيع عليه واعتبر أن الكثير منا نشأ واستمر اسلوب حياته على عدم دراسة العقد قبل التوقيع عليه فمن المفترض أن تتم قراءة العقد فقرة فقرة فعندما تقول شركة التأمين نحن لا نتحمل الحوادث الطبيعية مثل الرياح والأمطار والسيول، فمن حقك أن تقبل أو لا تقبل ففي مثل هذه الحالة يكون المواطن على علم أنه ضمن شروط العقد التي لم يقرأها الموقع أن الكوارث الطبيعية لا تتحملها شركات التأمين، هذا العقد موجود وقد وقع عليه. ويعود الدكتور بري للتأكيد على أن النظام الذي سيصدر قريبًا بإذن الله يحدد العلاقات ولا يحمل المستأجر تكاليف التأمين ولا يحمله مصاريف الهلاك إذا لم يكن مسؤولًا عنها حتى لو كانت أمورًا طبيعية وهذا النظام الجديد يوضح أمورًا كثيرة بشكل أو بآخر. وشدد على أهمية أن تكون العلاقة تكون واضحة في العقد بين كلا الطرفين وأي شيء خارج النظام المنصوص عليه فمن المفترض ألا يقبلوه ولو كان موجودًا ووقع عليه فيكون وقع على شيء غير نظامي. وحتى الآن فإن هذا النظام لم يصدر وإذا ماصدر بشكله ومضمونه الجديد فإنه لا يحمل المستأجر تكلفة التأمين بل يحملها بالكامل للمؤجر فإذا ذهب المؤجر لشركة التأمين فهذا شأنه وشأن شركة التأمين وليس من شأن المستأجر ما لم يثبت علاقة الإهمال. قانوني: عقود الإيجار المنتهي بالتمليك تفتقد للجانب الرقابي انتقد المختص في القانون عبدالله محمد هبيلي عقود الإيجار المنتهية بالتمليك وقال: يجب أن تقوم العقود بصفة عامة على التوازن بين مالك طرف من حقوق وما عليه من التزامات مقابل الطرف أو الأطراف الأخرى، ومن ذلك التوازن المالي للعقد، لكي تتعادل المراكز القانونية لأطراف العقد. وإذا ما خرج العقد عن هذا المبدأ وانفرد أحد أطرافه بشروط يمليها على الطرف الآخر والذي لا يقبل إلا التسليم بها، فنكون هنا أمام ما يسمى بعقد الإذعان وفيه يستأثر أحد أطراف العقد بمركز أقوى ونفوذ أكبر في مواجهة الطرف الآخر، ويكون هذا مألوفًا ومعروفًا في حالة الاحتكار، عندما يحتكر أحد الأطراف تقديم خدمة لطرف آخر كمن يقدم الخدمة الكهربائية أو ما يماثلها. وأضاف لكننا نلحظ -وللأسف- غيابًا كبيرًا للتوازن العقدي في عقود الإيجار المنتهي بالتمليك كتأجير السيارات، فالمتتبع لصياغة بنودها يجد أن الشركة المؤجرة تكون في مركز أعلى وأقوى من المستأجر، وتأتي النصوص بصيغة شديدة (يتعهد المستأجر، يقر المستأجر، يلتزم المستأجر، يتحمل المستأجر) دون أن نجد نفس الصيغة أو ما يشابهها في جانب التزامات الشركة المؤجرة. واعتبر هبيلي أن عقود الإيجار المنتهي بالتمليك يغيب عنها العقد الموحد والجانب الرقابي من الجهات القانونية المختصة، ولذا تصوغها الجهة المؤجرة بكل حرية بما يحقق أهدافها ويضمن حقوقها واستئثارها بمركز عقدي أقوى لدرجة أن الجهة المؤجرة هي التي تحدد الجهة الرسمية التي يتم الاحتكام إليها عند النزاع بشأن العقد دون أن يكون للطرف المستأجر أي دور في اختيارها. فلو كان الأمر واضحًا رقابيًا واحتكامًا لما رأينا كل هذه التجاوزات التي تضع هذه العقود في نطاق عقود الإذعان حتى ولو ظهرت في شكلها تلبسُ ثوبًا آخر.