· الشاعر والوزير البحريني الراحل (يوسف الشيراوي) له تصنيف طريف للعرب، إذ يقسمهم إلى ( عرب العز)، و(عرب الرز)، و(عرب الهز)، و(عرب الطز) .. وفي تفصيلهم يقول رحمه الله : إن عرب (العز) هم العرب المغتربون في أوروبا والأمريكتين، فحين يزورون بلدانهم الأصلية (يتميلحون) على أهلها بما يعيشون فيه من عز الديموقراطية وحقوق الإنسان.. أما (عرب الرز) فهم قسم آخر من العرب، لا يسعدهم شيء أكثر من أن يحصل احدهم على كيس من ( الرز ) و كبش سمين .. ثم يأتي على (عرب الهزّ) فيصفهم بأنهم عربٌ أدمنوا الرقص و الغناء و(الهزّ) على شعارات العروبة والقومية، والهتاف بحياة الزعماء.. ثم يختم بتعريف (عرب الطز) وهم من انشغلوا بالثرثرة وتصنّع البطولات من خلال رفع الشعارات المعادية للغرب، ومنهم ( القذافي ) الذي رفع شعار( طز في أمريكا)، ثم عاد ليسلّم لها كل أسلحته طواعية.. كما فعل ابنه سيف الإسلام قبل أسابيع قليلة حين أطلق نفس الشعار ( طز في الثورة)!. انتهى تصنيف الشيراوي الذي أظن أن لو عاش حتى عامنا هذا لأضاف إلى تصنيفه قسما خامساً هم عرب الفيس بوك. · لا أظنني بحاجة إلى التعريف بالفيس بوك، فما من عربيّ اليوم - مهما بلغت أميته في الانترنت - إلا ويدعيّ وصلاً به .. فهو السقف الذي جمع تحته كل شتات تصنيفات الشيراوي الأربعة، عزهم وطزهم ورزهم وهزهم .. وهو الحزب الذي نجح في كسر حالة التخشب العربي المزمن؛ و تحقيق ما فشلت في تحقيقه أحزاب العرب وتياراتهم الثورية والقومية والاشتراكية والليبرالية مجتمعة .. وهو المجلس الافتراضي الذي حقق ما لم تحققه كل مجالس الشعب و الشورى العربية ، و كل نقاباتهم المهنية ومجالسهم النيابية والبلدية ، حين منحهم كامل الحق في أن يتحدثوا و يكتبوا و ينتقدوا ويطالبوا بجرأة و حرية ، بعد أن اعتقهم من رق الطبقية والطغيان اللذين كانا يقلبان الحقائق ويزوّران التاريخ الذي يصنعه الأقوياء دائماً . · أما عرب الفيس بوك الذين كسروا تصنيف الشيراوي؛ وأعادوا تعريف الحرية والكرامة والعدالة ، فقد أعادوا أيضاً للشخصية العربية هيبتها وقيمتها التي طمستها سطوة الظلم والقهر.. فلا يمكنك وأنت تقرأ حواراتهم و تدويناتهم – حين يستخفون وحين يستعلنون- إلا أن تصاب بالدهشة والانبهار الممتزجة بالفخر من شبابٍ عربيّ تجاوز فكرة الأبعاد المحدودة للزمان والمكان فاتحد وتوحد .. شباب ضاق بشلل المطبلّين من ديناصورات الإعلام الذين مافتئوا يتحدثون عن نصف المشهد ويتعامون عن نصفه الآخر ؛ فأمسكوا بتلابيب الإعلام الجديد ؛ و أصبح كل واحد منهم مؤسسة إعلامية مستقلة تكتب وتناقش وتحلّل ، بل وتصنع الحدث بعقلانية و وعي أحرجت كل فرسان الكلام الذين انشغلوا عن هموم المواطن بالجدل والسفسطة ، والبحث في سجلات الماضي عن شروخ تعيد إنتاج التخلف وتحوّله لثقافة وخصوصية عربية بامتياز . · إذا كانت الحاجة هي أم الاختراع كما يقولون .. فلا شك أن حاجة العرب للتغيير هي ما جعلتهم يحولون الفيس بوك من شبكة اجتماعية أوجدها ( مارك زوكربيرغ ) للتواصل الاجتماعي بين شعوب الأرض، إلى إحدى أهم و اخطر وأقوى أسلحة التغيير وأدوات الوقوف ضد الطغاة .. لهذا يقول احد أصدقائي المصريين الطاعنين في الفكاهة أن فلاحاً مصرياً بسيطاً سُئل بعد ثورة مصر : ما هو الفيس بوك ؟.. فأجاب بعفوية فلاحي مصر المعروفة : ( حاجة كده ، بيغيروا بيها الريس ) . [email protected]