أمانة جدة: ضبط معمل لإنتاج «المعسل» المقلَّد داخل موقع سكني    بالتنسيق مع ذوي العلاقة.. «نظام الأوقاف»: إنشاء كيانات تمويلية وصناديق استثمارية    مستشفى أبها للولادة يُنفّذ "اليوم العالمي للتوعية بمرض الإيدز"    انخفاض النفط إلى 73.12 دولارًا للبرميل    «الإحصاء»: 97.4 % من سكان المملكة قيموا حالتهم الصحية بشكل جيد وأعلى    المياه الوطنية توضح لعملائها مزايا وآلية توثيق عدادات المياه    من الساحل الشرقي إلى الغربي.. طاهرة آل سيف تقرأ رسائلها المتأخرة على جمهور أدبي جازان    رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية    استشهاد 5 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    "عِلم" تختم مشاركتها في مؤتمر "سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية"    إسرائيل تقصف عشرات المواقع في صنعاء    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة    أمير القصيم يرعى الملتقى الأول للعناية بالمكتبات الخاصة    الأهلي يستعيد كيسيه أمام الشباب    القيادة تهنئ أمير قطر ورئيس النيجر    مصادر «عكاظ»: الهلال يحسم تمديد عقد الدوسري يناير القادم    مزارع سعودي يستخرج الأسمدة من الديدان    صيني يدعي ارتكابه جرائم لشعوره بالملل    حفل تكريم للزميل رابع سليمان    البلاد تودع الزميل عبدالله سلمان    «الدفاع المدني» يحذر: أمطار رعدية على معظم المناطق حتى السبت    إزالة 16 ألف تعدٍّ بالرياض    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    التويجري: طورنا منظومتنا التشريعية في ضوء مبادئنا وأولياتنا الوطنية    هل يعيد ملتقى ImpaQ تعريف مفهوم المؤثرين كقوة دافعة للتغيير ؟    نور الرياض يستقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر    أنشطة ترفيهية    شتاء طنطورة.. أجواء تنبض بالحياة    عريان.. من تغطّى بإيران    نقابة الفنانين السوريين تعيد المشطوبين    «مباراة ودية» تنتهي بفكرة دورة الخليج بمباركة خالد الفيصل ومحمد آل خليفة    مطعم يطبخ البرغر بنفس الزيت منذ 100عام    5 أطعمة تمنع تراكم الحديد في الدماغ    آمال جديدة لعلاج مرض الروماتيزم بمؤتمر طبي    ريال مدريد يتوّج بكأس القارات للأندية عبر بوابة باتشوكا المكسيكي    بغض النظر عن تنظيم كأس العالم!    الإقليم بعد سوريا.. سمك لبن تمر هندي!    التقرير الأول للمؤتمر الدولي لسوق العمل: المملكة تتفوق في معالجة تحديات سوق العمل    مناهل العالمية تدشن إنفينيتي QX80 الجديدة كليًا في المملكة العربية السعودية    وزارة الثقافة تُدشّن مهرجان «بين ثقافتين» بأمسية فنية    لكم وليس لي    الملك عبدالعزيز الموفق (3)    أمام وزير الخارجية.. القناصل المعيّنون حديثاً يؤدون القسم    في روشن الصدارة اتحادية.. نخبة آسيا الصدارة هلالية.. ومقترح تحكيمي    مركبة ال (72) عامًا بجناح حرس الحدود في (واحة الأمن) .. أول دورية برية ساحلية    عبدالله يضيء منزل سعيد القرني    رغم التحديات إدارة الشعلة الجديدة مستمرة للعودة    ضغوط الحياة.. عدو خفي أم فرصة للتحوّل؟    هل تنجح سوريا في مواجهة التحديات الهائلة    «التضليل الإعلامي» في ورشة بمعرض كتاب جدة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    جمعية رتل بنجران تطلق التصفيات الاولية لجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    «العليمي»: السعودية حريصة على تخفيف معاناة الشعب اليمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين فقه الممكن ؟!
نشر في المدينة يوم 20 - 05 - 2011


(1)
وحدة المعنى
يقال عن السياسة إنها (فن الممكن)، وكذلك الأحكام التكليفية تُنزَّل وفقاً لضوابط (فقه الممكن)؛ وهو نفسه فقه "الاستطاعة" وفقه "القدرة"، وهو من امتداد فقه "النص" الذي يبنى على فقه "الواقع"، لأن "الحكم على الشيء فرع عن تصوّره"، فالحكم عليه ينطلق من النص، والتصور له ينطلق من الواقع؛ فكل حكم ينطلق من النص يحتاج إلى الواقع ليبنى عليه؛ لأنه فرع عن تصور الواقع، ولذا فلا بد من معرفة الواقع قبل تنزيل النص عليه لينتج لنا الحكم الصحيح، ومن الواقع معرفة القدرة، والاستطاعة شرط للتكليف الشرعي، لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، وقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، فالضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، لقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، ومن القواعد الشرعية: (إذا ضاق الأمر اتسع).
(2)
مرجعية القياس
ومن هذا المرجع ننطلق لتحديد المسألة وقدرتنا عليها واستطاعتنا للقيام بواجبها، سواء كانت شأناً دينياً أو دنيوياً، وسواء كانت حقاً عاماً أو خاصاً، فلا يجوز الدعوة أو العمل في شأن لا يستطاع عليه، لأنه فوق الطاقة ولا يجوز حمل الناس عليه، والعزائم لها حدودها، كما أن للرخص مواضعها، وهكذا القدرة على التعامل، والإنكار للمنكر، وحتى الأمر بالمعروف، وكذلك التعايش سواء في شؤون حياتنا أو حتى في سبيل ديننا، ولذا فيقال: "إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع"، ولأنه لا تكليف بما لا يطاق، ولكن يجب أن نراعي بأنه "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، وبناء على قاعدة: (الميسور لا يسقط بالمعسور)، فيجب ألا نكلف بالمعسور، وفي نفس الوقت لا نترك الميسور بحجة أننا لا نستطيع المعسور.
(3)
الفقه الاستراتيجي
والسياسة -عموماً- هي فن الممكن، والسياسة الشرعية هي المصدر للتصرفات الفردية والجماعية، ولذا فمن الخطأ المطالبة بما هو فوق الممكن، أو بتفويت ما هو ممكن بزعم أنه غير ممكن، وهذا الفقه يسري على كل شؤون حياتنا الشخصية والاجتماعية، والعلمية والعملية، والدينية والدنيوية، وقد يكون من المستطاع فعل شيء معين ولكنه سينتج عنه مفسدة أو يفوت مصلحة، فهنا يصبح من غير الممكن معنوياً ولو كان ممكن حسياً، ولذا ففقه الممكن يعد من الفقه الاستراتيجي الهام وهو غائب وبشكل كبير عن واقعنا اليوم، ولو كان هذا الفقه مطبقاً في واقعنا لأصبح الحال غير الحال في شؤون ديننا ودنيانا.
(4)
التطبيقات الواقعية
ومن الأمثلة حينما لا تكون قادراً على فعل الأكثر خيرية ولكنك قادراً على فعل الأقل خيرية فعليك ألا تفوت الأقل حينما لا تستطيع الأكثر، وكذلك حينما لا تستطيع الخروج من الوقوع في الشر فلا تقع في الشر الأكبر وأنت قادر بأن تدفعه بالشر الأخف، ومثله إنكار المنكر فلا تنكره إذا كان إنكارك له سوف يؤصله بسبب استفزازك له، أو بأن يتسبب في منكر مساوٍ له، فضلاً عن أن يكون المنكر قد زاد ثباته واستعصى على الحل بسبب غوغائية وحماقة القائم بالإنكار ويزيد عليه حينما يكون المزيد من المنكرات بسبب طريقة الإنكار كأن يحرض الناس ضد الولاة أو إسقاط هيبتهم التي سيلحق ضررها الجميع، وحينما يقوم بهذا الخطأ رجال العلم الشرعي فيصير خطيئة لأنه كان يجب عليهم أن يكونوا القدوة والمرشدين وليسوا المهيجين والمرجفين، ويكفينا أن نستحضر قوله عليه الصلاة والسلام: (من قال هلك الناس فهو أهلكهم)، لأن التهويل يرجف بين الناس ويتسبب في إهلاكهم والمزيد من تأصل المنكر أو استفحاله أو ظهور منكر مثله أو أكبر منه ولو من نوع آخر.
(5)
الملفات الاجتهادية
ونحن بحاجة لفتح الملفات الاجتهادية كلها، وذلك كباب فقه المصلحة والمفسدة، إضافة لفقه الممكن في تعاملاتنا مع الحكام والمسؤولين، ومع الآباء والأولاد، ومع القدرات الاقتصادية والاجتماعية، وفي الوقت نفسه بقدر ما نستنكر الوقوع في بعض التصرفات القولية أو الفعلية بما هو فوق الممكن والمنتج لمزيد من المفاسد أو المفوت لمزيد من المصالح، فكذلك حينما نترك الأقوال والأفعال بزعم عدم القدرة والاستطاعة، بحيث يقول: لا يمكن هذا، وهو في الحقيقة قد يكون ممكناً، وبالتالي فوت على نفسه وغيره التغيير والبناء والتطوير، وهكذا نحن بين كماشتي طرفين: طرف يركب ما هو فوق الممكن فيسيء، وطرف يفوت ما هو ممكن فيسيء، والوسطية والاعتدال هما الحل كما قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً).
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.