كثيرة هي القراءات التي ستتناول أصداء إعلان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني مساء الثلاثاء بترحيب قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في أعقاب قمتهم التشاورية بطلب المملكة الأردنية الهاشمية الانضمام إلى المجلس، وتكليف وزراء الخارجية دعوة وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية للدخول في مفاوضات لاستكمال الإجراءات اللازمة لذلك، إلى جانب دعوة المجلس المملكة المغربية للانضمام أيضًا. بيد أن القراءة الأقرب إلى الصواب تتمحور حول حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها، أو التشكيك فيها، وهي أن التجربة الخليجية الوحدوية التي ظلت تنضج عبر الثلاثين عامًا الماضية على نار هادئة محققة العديد من الإنجازات على مختلف الأصعدة تعتبر التجربة الوحيدة التي حققت نجاحها من بين العديد من التجارب التي شهدتها المنطقة منذ خمسينيات القرن الماضي، وحيث تعتبر الاستمرارية والتوافق في المواقف، والآراء، وتوسيع أفق التعاون والتشاور بين دول المجلس الست من أبرز مظاهر هذا النجاح، كما أن صمود دول المجلس في وجه التحديات والمخاطر والفتن التي واجهتها على مدى العقود الثلاثة الماضية التي انطلقت مع بدايتها تلك المسيرة، تعتبر شهادة أخرى على نجاح التجربة وأهميتها. لذا يمكن القول إن تلك الخطوة المفاجئة ستشكل في حال تحقيقها دعمًا للمجلس، ودخوله مرحلة جديدة تتخطى فيه دوله الدائرة الخليجية إلى الدائرة العربية الأوسع، بما يعنيه ذلك من تغيّر في المشهد السياسي، والاقتصادي، والإستراتيجي في المنطقة، لا سيما في حالة انضمام الأردن إلى المجلس؛ لما له من تواصل جغرافي مع السعودية عبر حدودها الشمالية، كما أن تقارب التركيبة العشائرية للمجتمع في البلدين يشكل عاملاً مساعدًا في إتمام هذه الخطوة المهمة، وحيث يتوقع المراقبون أن تشهد المنطقة، في حال نجاح مفاوضات الانضمام -وهو المؤمّل- تغييرًا مهمًّا في بنيتها السياسية، والأمنية بشكل خاص. الدعوة من هذا المنطلق تشكل انطلاقة حقيقية وهامة لتقريب حلم الوحدة العربية، وتفعيل الدور العربي في خدمة قضايا الأمة، والاقتراب أكثر من تحقيق الآمال العربية في الأمن والاستقرار والرخاء، ووضع نهاية للخلافات والانقسامات العربية التي ظلّت تشكل العائق الرئيس أمام حلم الوحدة العربية، والوقوف بصلابة وحزم أمام كافة التهديدات والتدخلات الخارجية.