الحلم أصبح حقيقة بهمّة وعزيمة الرجال، والوقفات الصادقة من أبناء هذه المنطقة.. نعم ومن خلال متابعتي في الأيام الماضية للعديد من الصحف والمجلات، لفت انتباهي إشادة النقاد والمتابعين والزوّار، وكذلك المسؤولين من أعلى الدرجات ببيت المنطقة الشرقية (بيت الخير) المشارك بمهرجان الجنادرية لهذا العام 1432ه، فوجدت أنه يستحق هذا الثناء والتقدير؛ لأنه ضم في جنباته تاريخ عبق وموروث المنطقة الشرقية بمشاركته الفعّالة والهادفة والمتميّزة. فالمشاركة في هذا المهرجان تأتي من مختلف اهتمام وحرص حكومتنا الرشيدة، ونظرتها الصائبة في أن التراث جزءٌ لا يتجزأ من تاريخ وطننا الحبيب، وكذلك سعيها الحثيث في المحافظة على الإرث الحضاري لجميع مناطق المملكة، واحتوائها وتقديمها بطريقة مُثلى تليق بقيمها، وانتشالها من الاندثار والنسيان، مدركة أن الجنادرية تقدم خدمات جليلة في تعريف جميع أفراد المجتمع من مختلف الشرائح من المواطنين والمقيمين والزائرين بحضارة وتاريخ الآباء والأجداد في حقبة زمنية خلت، وسوف تستطيع القول بأن هذا المهرجان والذي بلغ عمره أكثر من ربع قرن سيسير بخطى ثابتة ونظرة مدروسة نحو النجاح في تقديم رسالته على الوجه المأمول، ولتحقيق الأهداف المرسومة له، علمًا بأن هذا لم يأتِ من الفراغ، وإنما أتى من بذل سعي وجهد وتآزر وتكاتف وتعاون بين جميع القائمين عليه، ليتم تقديم مهرجان الجنادرية بأبهى حلة وبأفكار وطنية خالصة. وبما أن المنطقة الشرقية المشاركة في هذا المهرجان والمتمثل ببيت الخير، والذي يعتبر إطلالة هامة جدًّا على جزء غالٍ وثمين من وطننا العزيز رأى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية ونائبه -حفظهما الله- أن يكون للمنطقة الشرقية بيت أسوة ببقية مناطق المملكة، يستطيع من خلالها الزائر أن يرى ويشاهد جميع محافظات المنطقة الشرقية، عندها سيرى الزراعة والتراث ممزوجين بالثقافة والأدب عبر بوابة وعراقة الأحساء، وعبق التاريخ ونفحات البحر من تاروت ودارين، وسيشعر بالفخر والاعتزاز وهو يرى أنوار الصناعات البتروكيميائية والمعدنية مشرقة من أحضان الجبيل الصناعية، وسيبهره ضخامة معامل تكرير النفط وهي تضخ شرايين الاقتصاد العالمي من رأس تنورة، وهكذا سيرى في بقية محافظات المنطقة كحفر الباطن، والخفجي، وما تبرزه من ثقافة الصحراء على النهضة التي تشهدها المنطقة، وعلى ذلك يستطيع الزائر أن يعايش فعاليات متنوعة من عادات، وتقاليد، وأهازيج، وتراث، ومورث، وثقافة، وحرف شعبية تظهر في دكاكين القيصرية، حيث يجلس فيها الحرفيون الذين يعملون على الحدادة، الصفار، الفخار، النجار، الخراز، الحياكة، رافي البشوت، القياطين، الخوصيات، الأقفاص، صناعة الطبول، وكذلك عرض للحرف في ميدان البيت الخارجي الذي يمثل السوق الشعبي المركزي، إضافةً لعرض بعض الأعمال المهنية في أروقة وحارات ومزارع المنطقة من أعمال ري وسقي، وجني التمور، مع الاستمتاع بسماع أهازيج الفلاحين والبحارة من الفجري، والخطفة، والنهام وغيرها من مختلف فنون المنطقة، كما يتيح له هذا البيت فرصة معايشة استخراج الماء من الجليب، ومشاهدة الواحة البحرية التي بلغت مساحتها 200 متر، ووضع في وسطها بانوشًا بطول 12 مترًا، وحضور المسرحيات، والفلكلورات الشعبية التي تقام على مسرح بيت الشرقية. وهنا أحب أن أشيد بالجهود المبذولة والملموسة من أمير المنطقة الشرقية، وسمو نائبه على متابعتهما ل (بيت الخير) وحرصهما على المشاركة المشرفة، وكذلك أحب أن أشيد بجميع الجهات في القطاع الحكومي والخاص، ورجال الأعمال الأوفياء، وشباب وشابات المنطقة الذين وضعوا خلاصة أفكارهم، ووهبوا أنفسهم بدعمهم في خروج (بيت الشرقية) بأبهى حلة. وأتمنى أن يقام على كورنيش المنطقة الشرقية مثل هذا المعلم التاريخي ليظل علامة مفخرة بارزة للمنطقة الشرقية، وخير شاهد على عبق وتاريخ المنطقة، يقصدها الزوار على مدار العام من داخل وخارج المملكة تقام على أرضه المهرجانات والفعاليات والمناسبات التي تشهدها المنطقة، وبذلك سيتم نقل الصورة الحقيقية لواقع ماضينا وحاضرنا وصورتنا المشرفة لأجيالنا الواعدة إن شاء الله. [email protected]