المخدرات أصبحت خطراً داهماً يهدد كل دول العالم دون استثناء، ولم تسلم بلادنا المسلمة منها، بل غرر بكثير من شبابها، فسقط كثير منهم في شراكها، وعانت آلاف الأسر من فقدان معيليها وضياع أبنائها وسوء أحوالها بسبب المخدرات، وقد تعامل المسؤولون في بلادنا مع هذه المعضلة الوطنية الكبرى بكثير من الجدية والواقعية وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، فشددت الرقابة على المهربين، كما شددت العقوبة عليهم إذ تصل عقوبة المهرب في المملكة إلى الإعدام، كما أقيمت دور رعاية ضحايا المخدرات التي توفر لهم الاستشفاء بأرقى الوسائل العالمية إضافة إلى الرعاية والتوعية الاجتماعية، وقد أدى ذلك كله بالطبع إلى الحد من تفشي هذه الآفة المهلكة التي هي أشد فتكاً بالشعوب من الحروب كما صرح كبار المسؤولين في المملكة مراراً وتكراراً.. وتبقى الحاجة قائمة إلى بذل المزيد من الجهود على كل الأصعدة لمكافحة آفة المخدرات. ولعل الجهود العلمية تأتي في مقدمة الجهود المطلوبة في هذا الصدد، وعليه فإن عقد المؤتمرات المتخصصة يؤدي بالضرورة إلى الكشف عن أنجع السبل للتعامل مع المخدرات، وقد أدركت جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ممثلة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية واجبها الوطني في تبني عقد مؤتمر موسع حول المخدرات للتوعية بأخطارها المحدقة ورسم الخطط الكفيلة بالحد من هذه الأخطار، وعليه افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، افتتح سموه المؤتمر العالمي: (نحو استراتيجية فعالة للتوعية بأخطار المخدرات وأضرارها)، الذي تنظمه جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ممثلة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وذلك ليلة السبت 26/5/1432ه بقاعة الملك فيصل بالجامعة، وستستمر فعاليات المؤتمر حتى 28/5/1432ه. ويهدف هذا المؤتمر العالمي الكبير – كما أوضح سعادة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية - إلى الكشف عن أساليب التوعية الوقائية في مجال المخدرات والتوعية بأفضل الأساليب العلاجية والتأهيلية الحديثة للمدمنين والمتعاطين، كما يهدف المؤتمر إلى تطوير البرامج التدريبية المناسبة للعاملين في مجال التوعية بأخطار المخدرات وأضرارها، وتدور محاور المؤتمر حول دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في التوعية الوقائية بأخطار المخدرات وأضرارها والتوعية بالأساليب التغريرية المستحدثة من قبل مروجي المخدرات ومدى إسهام المؤسسات غير الحكومية في التوعية بأخطار المخدرات والوقوف على أساليب تفعيل المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص تجاه مشكلة المخدرات ودور الجهات الأمنية في الوقاية من أخطار المخدرات وأضرارها والطرق العلاجية للمتعاطين والمدمنين، إضافة على الإفادة من تجارب محلية وإقليمية وعالمية في مجال التوعية بأخطار المخدرات وأضرارها. وقد بين معالي مدير جامعة الملك عبدالعزيز في كلمته أن جامعة المؤسس تولي موضوع مكافحة المخدرات عناية فائقة من خلال مناشط عدة توعوية وعلمية وبحثية ظهرت بوادرها في هذا المؤتمر المتخصص وكذلك من خلال عدد من الكراسي العلمية التي تناقش وتدرس وتعالج بطريقة مباشرة وغير مباشرة هذه المعضلة الخطيرة، وكانت تلكم مناسبة مهمة وفرصة سانحة لتدشين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل: كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية وإعلان بدء انطلاق أعماله. وكان معالي مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب قد أعلن عن تأسيس هذا الكرسي العلمي المرموق خلال تشريف سمو الأمير نايف لجامعة المؤسس بزيارته لها ولقائه بأساتذتها وطلابها ورعايته الكريمة للندوة العلمية الأولى لكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي الذي تحتضنه جامعة الملك عبدالعزيز وذلك ليلة الأحد 17/10/1431ه بحضور سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة. وقد قدم المشرف على كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية سعادة الدكتور سعيد بن أحمد الأفندي عرضاً مرئياً ضافياً عن الكرسي تضمن الحديث عن اللجنة الإشرافية العليا للكرسي ولجنته العلمية، ورؤية الكرسي بأن يصبح مرجعية معرفية وبحثية للقيم الأخلاقية الإنسانية ورسالته: تعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع وتفعيلها بأساليب عصرية ووسائل منهجية والتفاعل الإيجابي مع المجتمعات الإنسانية، كما عدد الدكتور الأفندي أهداف الكرسي التي من ضمنها تقديم الحلول العلمية والعملية لمعالجة المشكلات الأخلاقية والحد منها، ومن أهمها: إنجاز دليل قيمي أخلاقي يكون مرجعاً للإنسانية جمعاء، كما عرض المشرف على الكرسي خطة العمل للسنة الأولى والثانية والثالثة والرابعة بما تتضمنه من ندوات وورش عمل ومحاضرات وعقد شراكات وإعداد تقارير دورية وسنوية وكل ذلك في إطار محكم ومدروس. أما أستاذ الكرسي وهو معالي الدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى فقد أطر في كلمته الدقيقة مفهوم القيم الأخلاقية في الإسلام وثمن اهتمام سمو النائب الثاني بهذه القيم في المجتمع السعودي. وهذان الحدثان المهمان: افتتاح مؤتمر استراتيجية التوعية بأخطار المخدرات وانطلاق كرسي القيم الأخلاقية، حدثان لا ينفصمان، فالقيم الأخلاقية المستمدة من الإسلام تحارب المخدرات وتحذر منها وتقي المجتمع من خطرها. ويأتي هذان الحدثان العلميان الكبيران في جامعة المؤسس في أسبوع تحولت فيه الجامعة إلى خلية نحل علمية بحثية إن جاز التعبير تحت مظلة وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، إذ تعيش الجامعة أسبوع البحث العلمي من السبت 26/5 إلى الأربعاء 30/5/1432ه الذي تعمل فيه فرق بحثية من التاسعة صباحاً إلى الخامسة عصراً وتتضمن الفرق خبراء من بريطانيا يشاركون في شرح طبيعة عمل المجموعات البحثية. كما ينعقد في الجامعة مؤتمر عن جراحة التجميل وآخر عن سرطان الثدي، بالإضافة إلى مؤتمر المخدرات وكرسي القيم الأخلاقية، ويترقب المهتمون والمختصون نتائج وتوصيات المؤتمر بفارغ الصبر. وستجد هذه التوصيات طريقها إلى التنفيذ إن شاء الله إذ وقعت الجامعة اتفاقية مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات تشي بتنفيذ هذه التوصيات والإفادة منها.