تورطت في الاستماع إلى خطاب جديد للعقيد الليبي معمر القذافي، الذي لا هو رئيس، ولا قائد، ولا زعيم .. بل هو، كما يقول، واحد من الشعب لا منصب له إلا كونه حبيب الشعب ورمزه ... لكن هذا لم يمنعه من احتلال ساعات طويلة على الهواء في خطاب لم يفتقد إلى الجانب الفكاهي، أو يختلف عن كثير من غيره من خطابات القذافي التي يقول فيها كل شيء .. ثم لا نخرج منها بأي شيء غير بعض الطروحات غير العقلانية, والمعاني غير المستقيمة. في هذا الخطاب أكد العقيد الليبي أن «القذافي بالنسبة للشعب الليبي أكثر قدسية من إمبراطور اليابان، الذي انتحر اليابانيون من أجله»، وأضاف: «أنا مُقدس للشعب الليبي أنا رمز أنا بالنسبة لهم أب ومرجعية أنا مرتبط لهم بالجلاء، أنا مرتبط بتأميم النفط بالانجازات المادية والمعنوية والشعب الليبي لا يستطيع أن ينكر ذلك وإذا أنكره فلا يستحق الحياة»؟! هذا يُفسر إصرار القذافي على متابعة كل من يُنكر قدسيته أو يخرج على مرجعيته، فيعمد إلى قتلهم وإبادتهم، والتضحية بهم لتأديبهم على عدم اعترافهم بقدسية الزعيم. فقد أكد أنه سيضحي بكل شيء «حتى أولادنا .. سنتركهم للموت ولن نتركهم يعيشون بعدنا .. فلا حياة بلا حرية» .. ولا حياة بالطبع .. بلا قذافي؟! هذه المعادلة التي يؤمن بها «الزعيم» الليبي تفسر لنا كل تصرفاته غير العقلانية التي يخرج بها للعالم، فهو الزعيم، وهو القائد، وهو الملهم، وهو ملك ملوك أفريقيا .. واليوم هو المُقدس الذي لا مساس بقدسيته!! [email protected]