(الفساد يغُذيه الصمت)، بمعنى أن صمتنا الدائب والدائم عن الانحرافات الخطيرة التي قد تصيب منظومة الأداء، لا بل وسلوك القائمين على الأداء (العمل) أيًّا كان قد تحيل علّة الفساد إلى معضلة يتعذّر التعاطي معها، خاصة إذا ما تمادينا في التجاهل والتطنيش حتى يتسع الشق على الراتق، وربما الراقع، والفرق بين الرتق والرقع فرق في الدرجة لا في النوع، فالرتق محاولة بائسة لإخفاء الخلل؛ لكي لا يظهر للعيان، ويلفت الأنظار، أمّا الرقع (الترقيع) فيظهر للعيان من الوهلة الأولى، ومثاله الواضح والجلي ما يجري في الشوارع!! وغير الشوارع. في أول ظهور علني لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، كما نشرت ج الوطن عدد (3854) الثلاثاء 15/5/1432ه (ص23) رئيس الهيئة الموقرة (رفض الحديث عن الفساد، واكتفى بالحديث عن “الإصلاح”). في مؤتمر إدارة المشاريع الذي عُقد في الرياض يوم الاثنين (14/5/1432ه) كنا نتمنّى أن نسمع عن إعلان إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، ذات إطار وبرنامج زمني تجعل من المملكة في المدى المنظور دولة خالية من الفساد. ما قاله الرئيس في أن حديثه لن يكون عن الفساد؛ لأننا في (عهد الإصلاح) نتفق معه في جزئية (أننا في عهد الإصلاح)، ولكن نختلف معه حول الحديث عن الفساد، فكان حريًّا به أن يعلن أن عهد الإصلاح مكرّسٌ لاجتثاث شأفة الفساد، واقتلاع جذوره الضاربة في تربة الإدارة المحلية، وياحبّذا لو أن رئيس الهيئة يتفضل بالاطّلاع على كاريكاتير ج الوطن ليوم الجمعة 18/5/1432ه ص15، فهو يعبّر باختصار، لا اختزال فيه عن واقع لا يمكن تجاهل ما يجري فيه تارة مرجعه للقصور، وتارة أخرى للتقصير!!. وكلاهما بلاء. ولا أدري ما إمكانية تغيير مسمّى الهيئة من هيئة مكافحة الفساد، إلى هيئة محاربة الفساد.. فالمحاربة تعني الاجتثاث والتخلّص، والمكافحة إخماد مؤقت!!. [email protected]