ما هي المواصفات المطلوبة للخطاط الذي يخط المصحف الشريف؟ هل هناك خصائص معينة لهذا الخطاط، أم يكفي أنه صاحب خط جميل، وموهبة، ومتقن لقواعد الخط؟ وهل أي خطاط ممكن أن ينسخ المصحف الشريف دون ضابط أو رابط ويعتمد خطه؟ أسئلة كثيرة طرحناها على عشرة من أشهر خطاطي المصحف الشريف ممّن سيشاركون في ملتقى “مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم” الذي ينظمه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة، برعاية ملكية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، وذلك خلال شهر جمادى الأولى من العام الجاري 1432ه، عدد من العناصر التي يجب توافرها لخطاط المصحف حتى يؤدي عمله كاملاً وفي مقدمتها الإلمام باللغة العربية لغة وكتابة، وإخلاص النية لله تعالى، والشعور بعظم المسؤولية. الإلمام التام بالخطا في البداية، يقول الخطاط الباكستاني عبد الرشيد بت: إن أول هذه العناصر، الإلمام التام بالخط الذي يكتب به المصحف، وثانيًا: الممارسة الطويلة حتى يمكن استخدامها بمهارة تامة، وثالثًا: المعرفة بالسطر، ورابعًا وهو أهم شيء للخطاط -من وجهة نظري- أن يتمتع بالعناية الإلهية، ولذلك يجب علية أن يضع نصب عينيه أنه يكتب كتاب الله. ومن جانبه يقول الخطاط السوري محمود بن محيي الدين البان الذي يعمل حاليًّا خطاطًا بجامعة حلب بسوريا، إن هناك عناصر ضرورية يجب على الخطاط الإلمام بمبادئها من قراءة سليمة لكتاب الله، ولغة قوية، وسليقة جيدة، وباختصار أرى أن يكون الكاتب متقنًا للعربية التي تساعد في الكتابة الصحيحة؛ لأن الخطأ في هذا المجال غير جائز على الرغم من أن الله تعالى قد تكفّل بحفظ كتابه العزيز، إلى جانب متطلبات الكتابة كورق وحبر وأقلام. أمّا الخطاط الفلسطيني أحمد نافذ الأسمر، فيرى أن أهم هذه العناصر الشعور بمسؤولية كتابة آيات القرآن الكريم، وعظم الأمانة، وقال: كانت تتملّكني الرهبة عند كتابتي لآيات القرآن العظيم، واستشعر في نفسي الأمانة العظيمة الملقاة على عاتقي أثناء الكتابة، وكنت أبذل أقصى طاقتي من أجل إخراج كلمات الله بأبهى صورة تليق بكتابة هذا المصحف الشريف. عناصر ومحاور ومن جانبه يقول الخطاط السعودي ناصر الميمون: إن لكل عمل فني عناصر ومحاور يقوم عليها، والقرآن الكريم وكتابة آياته بالخط الجميل الواضح يحتاج لعناصر هامة يتم بها إجادة كتابة المصحف بدقة وعناية، ومن هذه العناصر، إجادة الخط المطلوب الكتابة به إجادة تامة، والثاني: التوزيع الصحيح لأحرف وكلمات الآيات الكريمة، بحيث تأخذ كل كلمة مكانها وموضعها الكامل، والثالث: الاهتمام بالتشكيل السليم على كل حرف وكلمة، بحيث لا يطغى تشكيل حرف على تشكيل حرف آخر، فيلتبس ذلك على القارئ، والرابع: الحرص على عدم تركيب بعض الحروف على بعضها البعض، أو تركيب الكلمة على آخر حرف من الكلمة التي تسبقها، والخامس: الاهتمام بتفريق السطور في المساحة، والمقصود جعل هناك مسافة بين السطور بعضها من بعض، وهذا ما نراه جليًّا واضحًا جميلاً في سطور مصحف المدينة النبوية بمجمع الملك فهد -رحمه الله-. ويرى أستاذ الطب الخطاط الفلسطيني الدكتور إبراهيم عبدالعزيز الجوريشي أن أهم العناصر إتقان الخط، وخاصة خط النسخ؛ لأنه خط المصحف، فليس كل من خط المصحف خطاطًا، كما أنه يجب أن يتحلّى الخطاط بالصبر والأناة، وأن يكون عنده دراية بالعربية ورسم المصحف؛ لأنها عوامل هامة جدًّا، طبعًا مع حسن اختيار نوع الورق والأحبار والأقلام وغير ذلك. ويؤكد الخطاط اللبناني محمود بعيون أن كتابة القرآن الكريم مسؤولية كبيرة لا يستطيع أن يقوم بها إلاّ مَن يكون مهيّأ لذلك من حيث الإجادة والإتقان، فضلاً عن مجموعة من العناصر الأخرى لعل من أبرزها بعد الإيمان بالله تعالى الإخلاص في العمل، وكل هذه الأمور وغيرها تدفع بالخطاط إلى عناية خاصة بكلام رب العالمين. خبرة وإتقان ويقول الخطاط السوري الدكتور عثمان بن عبده حسين طه: إن أهم هذه العناصر إضافة إلى توافر خبرة وإتقان فن الخط عليه أن يَعُدَّ ما يقوم به من عمل في كتابة المصحف الشريف عملاً مقدسًا، وأن يؤمن بهذا القرآن العظيم لأنه تنزيل من رب العالمين، وأن يكون الكاتب ملمًا ببعض رموز ومصطلحات الآيات القرآنية حتى يتذوق طعم معاني ما يقوم بكتابته، وأن يكون ذا همّة عالية يضع إكمال ما يقوم به نصب عينيه دون كلل أو ملل، وأن يكون صبورًا وبشغف كلّما أنهى قسمًا من الكتابة يتشوق إلى المزيد منه، ولا شك أن التواضع من أولى صفاته؛ لأن الغرور آفة كل علم وفن، وأن يكون ملمًّا باللغة العربية وقواعدها، حتى يسهل عليه فِهمُ معاني ما يكتب، وأن يتمتع بصحة جيدة من سلامة الأعضاء، ولاسيما اليدين والعينين، وأن يبتعد عن كل ما يضر بصحته، و أن يحاول قدر الإمكان استعمال اليد اليمنى في الكتابة تمسكًا بالسنة النبوية. ولخص الخطاط الأردني جمال عبدالكريم الترك العناصر في إجادة قواعد الخط إجادة ممتازة، وسعة الاطلاع، والخبرة الكبيرة، والتمكّن، والممارسة الطويلة، وخاصة في خط النسخ، كما يجب على الخطاط أن يكون ذا دراية كافية برسم المصحف واللغة العربية، ولا بأس في أن يتعاون ويستشير مَن هم أهل لهذا العلم. وأن يتهيأ له المكان المناسب الذي يعينه على التعبد بكتابة آيات الله الكريمة. النية الصادقة أمّا الخطاط العراقي علي حامد عبدالمجيد الرواي فيقول: إتقان الخط على معلم ماهر، والاطّلاع على كتابة المصاحف المكتوبة بأيدي أساتذة متقنين لاختيار منهج يتلائم مع روح العصر، والاطّلاع على معرفة علم رسم المصحف وعلم ضبطه ووقفه، الحبر الجيد، والورق الجيد، والصبر الطويل، والمحافظة على التناسق بين أسطره وصفحاته، بحيث يكون من أوله إلى آخره كصفحة واحدة، وأن يكون الخطاط عالمًا بقواعد اللغة العربية. ومن جانبه يقول الخطاط المغربي بلعيد حميدي: إذا توفّرت لدى الخطاط نيّة خالصة في كتابة القرآن الكريم لهدف خدمته والإسهام في نشره، فإن الله تعالى يتكفّل بتهيئة كل العناصر المساعدة في نجاح العملية، أقول هذا لأنني أعيش هذه التجربة منذ كتابتي للمصحف الأوّل سنة 1999م. ومن جهته، يقول الخطاط السوري وكاتب المصحف الشريف أدهم فادي الجعفري: إن أهم العناصر التي يجب توافرها لخطاط المصحف حتى يؤدي عمله كاملاً، إخلاص النية لله تعالى في هذا العمل، ومعرفة قواعد وأصول كتابة المصحف، والدراية بعلم رسم المصحف الشريف حتى يكتب على هدى، وإتقان قواعد الخط العربي حتى يُبرز القرآن الكريم بأبهى حلة، والاستعداد بأفضل الأدوات من ورق وأقلام وحبر؛ ليعطي أفضل النتائج، والأخذ عن مصحف مدققٍ خالٍ من الأخطاء، معتمد من ناحية الضبط والصحة، والتواصل مع شيوخ هذا العلم، وعرض كتابته عليهم.