الموظف في القطاع الخاص مأكول مذموم، فهو متّهم بقلة الإنتاجية دائمًا، وبالتراخي والكسل والانصراف عن التدريب، وكل تلك وغيرها حجج مسبقة وجاهزة لدى أرباب العمل لتخفيض أجورهم إلى حدٍّ أدنى، لا يسمن ولا يغني، ولا يتناسب مع حجم التربح الهائل الذي يجنيه القطاع الخاص. فكيف يعمل موظفون لساعات طويلة تمتد إلى 10 أو 12 ساعة براتب لا يتعدى ألفي ريال، وبدون بدلات مجزية، أو تدريب على المهارات الأساسية، كاستعمال الحاسب الآلي وغيره من المهارات المهمة في مجال الأعمال المتخصصة..! بل إن ساعات العمل قد تمتد إلى أكثر من ذلك حتى يوم الإجازة بدون تعويض مادي مناسب، وفى بعض القطاعات كالتعليم تكون الإجازة الرسمية بدون راتب. وهناك مَن يشترط شهور التجربة ليثبت أنه قد التزم بالسعودة، ويسرح بعدها الموظف بحجة عدم الكفاءة، والكثير غيرها من التنظيمات المجحفة بالموظفين التي يبتدعها القطاع الخاص وفق أهوائه، غير عابئ بشيء ممّا يؤكد أنه لا يوجد تنظيم إداري يحمي حقوق الموظف في هذا القطاع كثيرًا. فما الذي يؤخر إلى الآن وجود مثل هذه التنظيمات الهامة الشاملة لكل الحقوق والواجبات من الطرفين لتحقيق الأمان الوظيفي والسعودة الفعلية. وإذا كان وصف السعودة بأنها قاصرة غير دقيق كما ورد بحسب وزارة العمل فما هو الوصف الواقعي الذي يمكن إطلاقه عليها..؟! وقد سبق لوزارة العمل أن بذلت جهودًا كبيرة مع القطاع الخاص في كل الاتجاهات لرفع الأجور إلى حد معقول وبالسعودة، ولكن كل ذلك لم يؤدِ إلى رفع مساهمة المواطنين في قطاعات العمل المحلي المختلفة إلاّ بحد ضئيل لا يحقق الأهداف المنشودة من القضاء على كثبان البطالة في المجتمع. ولماذا كل هذه المهادنة مع القطاع الخاص وهو مدعوم من الدولة بقوة عن طريق المعونات المادية في قطاع التعليم والصحة وغيرهما..؟! كما تقدم لهم الكثير من المعونات اللوجستية كتخفيض الكهرباء والمياه وغيرها، كما يتحمل صندوق الموارد البشرية جزء من رواتب الموظفين المواطنين ورغم ذلك نجد انصرافًا واضحًا عن توظيفهم. ونظرة واقعية إلى كل المجالات وفى كل القطاعات لوجدناها متروسة بعشرات الألوف من العمالة الوافدة وغير المدربة من كل الجنسيات في حين يزداد عدد العاطلين من المواطنين، مما يجعلها معادلة غير مقبولة على الإطلاق. ولعلنا مع واقع الاحتياج الفعلي للعمالة النادرة والفنية المتخصصة والمؤهلة في بعض القطاعات كالصحة والتصنيع وغيره ولكن هناك الكثير من الوظائف الإدارية والفنية التي يمكن إشغالها بالمواطنين من الجنسين والتي ينصرف القطاع الخاص عن إشغالها بهم بهدف تقليل المصاريف، وإلا فبماذا نفسر وجود كم كبير من الإعلانات التشغيلية المطلوبة لبلادنا وهى موجودة بالفعل لدينا..؟! فما زلنا نطلب معلمين وسكرتارية وبائعين ومشرفين وغيرها. وكأن المجتمع يخلو ممّن يستطيع شغل مثل هذه الوظائف، وكلنا يعلم أنهم موجودون ومؤهلون، وقوائم مكاتب العمل تطفح بأوراقهم وملفاتهم منذ سنوات طويلة. وإذا كان حث قطاع الأعمال بكل الطرق لم يُجدِ في السنوات السابقة فلابد من البحث عن حلول إلزامية أكثر جدوى ومنطقية لأن القضاء على البطالة في مجتمع يبلغ عدد القوة الشابة فيه أكثر من النصف قد أصبح أولوية وطنية ونحن ننتظر في ظل القرارات الجديدة صدور التنظيمات المفعلة لها بشكل حقيقي وإلزامي. [email protected]