أقبلت حشود من الناخبين على مراكز الاقتراع امس في مصر للمشاركة في استفتاء على تعديلات دستورية يأمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم أن يفتح الطريق لإجراء انتخابات خلال ستة أشهر. وقال مراقبون: إن الإقبال على التصويت فاق المتوقع في أول استفتاء في التاريخ الحديث بمصر لا تعرف نتائجه مسبقا بسبب الإقبال الكبير من الناخبين وشفافية واضحة في إجراءات الاقتراع. لكن ناخبا في محافظة المنيا جنوبي القاهرة قال: إن المشرفين على الاقتراع في اللجنة التي صوّت بها لم يطلبوا منه غمس إصبعه في الحبر الفوسفوري الذي يضمن عدم تكرار الإدلاء بالصوت. وبعد مرور ساعات على بدء الاقتراع تجمهر ناخبون أمام لجان في مدينة المحلة الكبرى بدلتا النيل وقرى قريبة منها غاضبين بسبب وقف التصويت في تلك اللجان لغياب الإشراف القضائي بحسب شهود عيان. وقال شاهد في مدينة الإسكندرية الساحلية: إن الاقتراع في بعض اللجان تأخر نحو نصف ساعة عن الموعد. وقال شاهد في القاهرة إن الاقتراع في بعض اللجان لم يكن سريا. وتهدف التعديلات الدستورية إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية بما يسمح للجيش بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة. ومن بين التعديلات أن تكون مدة الرئاسة أربع سنوات لا تتكرر إلا مرة واحدة لشاغل المنصب في حين كانت المدة ست سنوات قابلة للتكرار مدى الحياة في الدستور الذي قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعطيله بعد نقل سلطات رئيس الدولة إليه في الحادي عشر من شباط فبراير. وهناك انقسام في الرأي بين من يقولون إن الحاجة قائمة لدستور جديد وآخرين يقولون إن التعديلات كافية في الوقت الحالي. وبدأ الاقتراع في الساعة الثامنة من صباح أمس ومن المتوقع أن تعلن النتيجة مساء اليوم أو صباح الغد بحسب تصريح أدلى به مسؤول في اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء. واصطف مئات الناخبين للإدلاء بالأصوات في لجان بوسط القاهرة. ولدى مشاهدة رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور الذي كان مقربا من الرئيس السابق حسني مبارك في لجنة انتخابية تعرّض لهجوم لفظي من ثلاثة ناخبين قال له أحدهم: "هل ما زلتم أحياء؟ ارحلوا عنا من فضلكم"، وردد ناخبون هتافا مناوئا لمحافظ القاهرة عبد العظيم وزير لدى إدلائه بصوته في لجنة أخرى ونهره أحدهم قائلا :"اطلع بره"، ولا يزال المحافظون الذين عيّنهم مبارك في مناصبهم إلى اليوم. ووصف أحمد فرج وهو مراقب من المنظمة الحقوقية الائتلاف المصري لمراقبة الانتخابات الإقبال بأنه "غير مسبوق". وفى احدى اللجان الفرعية بمنطقة القاهرةالجديدة فى العاصمة المصرية كان الجدل محتدماً وسط طابور ممتد طوالى 500 متر بين أستاذ جامعة وحارس عمارة حول التعديلات الدستورية وهل يكون التصويت ب « نعم» أم « لا»، وعلى مقربة من طابور الاستفتاء كان ضابط شرطة برتبة نقيب منشغلاً بالحديث فى هاتفه الجوال لكنه أنهى المكالمة بسرعة ليقول ان هذه أول مرة لا يكون متوتراً .. الضابط شارك فى انتخابات مجلس الشعب الماضية وكان نصيبه منها كدمات فى وجهه أثناء فضّه مشاجرة بين بلطجى ومرشح ومستقل. ولم يخل يوم الاستفتاء من مشاكل لكنها من قبيل الشكوى من تأخر فتح مراكز اقتراع لتأخر مسؤولى الاشراف القضائى أو محاولة التيارات الاسلامية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين حشد الأصوات وتوجيهها نحو خانة «نعم» فى مواجهة الرافضين للتعديلات الذين اتهموا الاخوان بالسعى لملء فراغ الحزب الوطنى الحاكم فى العهد السابق الذى دأب على تسوية استمارات الاقتراع لصالحه صباحا وسط شكاوى محدودة فى بعض اللجان، وفى لجنة جمال عبد الناصر بمحافظته التى أدلى فيها رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بصوته تم اكتشاف بعض الاستمارات غير المختومة وطلب شرف استبعادها فورا كما شكا المواطنون من عدم وجود أماكن انتظار ما اضطرهم للوقوف لساعات طويلاً تحت الشمس للادلاء بأصواتهم ،وفى لجنة العمرانية التى توصف بالمنطقة الشعبية تواجد كثيرون من كوادر جماعة الاخوان المسلمين والذين روّجوا للمواطنين لفكرة أن التصويت ب (لا ) تعنى الموافقة على إلغاء المادة الثانية من الدستور التى تنص على ان الاسلام دين الدولة والمصدر الرئيسى للتشريع. و حذّر المجلس العسكري من أي تحركات لإعاقة التصويت سواء اعتصامات أو تظاهرات تعرقل المواطنين من الذهاب إلى لجان الاقتراع، وبغض النظر عن قبول التعديلات أو رفضها وأكد مصدر مسؤول ل «المدينة» أن القوات المسلحة سوف تضرب بيد من حديد لكل من تسوّل له نفسه الاقدام على أى إجراء من شأنه أن يعكر صفو الاستفتاء، واصفاً يوم الاستفتاء بأنه «اليوم الوطني للشعب المصري»وبعده سوف تعود الحياة مره أخرى.