ثمة مقولة معروفة لبنجامين فرانكلين نصها: (إن الذين يضحون بالحرية من أجل الأمن، لا يستحقون الاثنين معًا)، هذه العبارة منحوتة في مكان ما على تمثال الحرية الذي يقف بشموخ، وفي إطلالة مهيبة على ميناء نيويورك. فرانكلين قال هكذا عبارة في سياق ثقافي مختلف، وتحت طائلة ظروف قاسية عانى منها المهاجرون والمهجرون من أوروبا على حد سواء إلى العالم الجديد أرض الأحلام أمريكا. الحديث عن الحرية جميل وآسر لا شك، لكن يا تُرى ما قيمة الحرية إذا لم يكن هناك أطر قانونية تحمي ممارستها وممارسيها..؟! هل تذكرون نظرية «الفوضى البنّاءة»/ «الفوضى الخلّاقة» التي راجت في الشرق الأوسط بُعيد احتلال العراق وسقوط بغداد في 9/4/2003م عندما علّق دونالد رامزفيليد وزير الدفاع الأمريكي على عمليات النهب والسلب والانفلات الأمني؛ لأنها تفريغ للمشاعر المكبوتة، والأنفس التوّاقة للحرية، ولكون الناس لا يعرفون لا طعم ولا مذاق الحرية، آلت الأمور إلى الفوضى التي توصف عادة بالبنّاءة رغم ما تنطوي عليه من أضرار. إن ما يجري من حولنا من انهيار للنظم الشمولية وتهاويها لأبلغ دليل على أن أيدلوجية الفوضى الخلّاقة الرامية إلى بناء شرق أوسط جديد على أنقاض القديم آتت أكلها على نحو ما، وها نحن نرى إعادة تشكّل لخريطة شرق أوسط مختلف سياسيًّا واجتماعيًّا، أو على الأصح ولادة شرق أوسط جديد من رحم فوضى عارمة، مقاليد إدارتها بالضرورة في يد الشارع، إدارة الفوضى مكلفة..! [email protected]