إذا سلمنا أن الإنسان هو أنفس ثروات الدول؛ فعليه يعول واقع حاضرها ورسم مستقبلها، وهو من بنى أمجاد ماضيها، وبسواعده تستمر العزة والريادة، ويزهو الازدهار، وبجهده يرقى الوطن ويواكب غيره ويفضل عليه. مصدر قوته ودرعه في صد الأعداء وحامي أمنه. وإذا شكل الشباب أهم الفئات العمرية الصانعة لمجد الوطن ونهضته وقوته؛ بما يملكونه من طاقة عالية وعنفوان وعلو همة؛ فهم مكملو مسيرة الرفعة وبهم يعلو البناء وتزداد قوته، وبيدهم زمام المنافسة في رسم دوره وتأثيره العالمي وتحديد موقع تقدمه وتفوقه على غيره. فإذا أدركنا أن نسبة الشباب في عمر (15-29) تمثل 28% من نسبة سكان المملكة (بما يعادل خمسة ملايين نسمة تقريبًا) وهي نسبة مرتفعة -بحمد الله- علمنا عظم أهمية العناية بالشباب، وتثمين دورهم وضرورة تفهم متطلباتهم وما يشغلهم من مشكلات وما يواجههم من تحديات، وضرورة توفير احتياجاتهم وسبل العمل لهم وربط التدريب باحتياجات السوق، ومساعدتهم على حسن قيامهم بواجباتهم المناطة بهم، وإرشادهم للطريق القويم الموصل لإنجازهم لمهامهم الجسام تجاه وطنهم وأمتهم، وبناء الثقة لديهم في قدرتهم على تحمل المسؤوليات بإتاحة الفرص لهم بتولي المناصب الهامة والمواقع القيادية والمراهنة على نجاحهم المهني ومساندتهم وتشجيعهم، وشغل فراغهم بما يعود عليهم بالفائدة، وتكاتف مؤسسات المجتمع جميعها واستشعارها لواجبها تجاه أمل الأمة وذخرها، وحمايتهم من تأثير الأحزاب والأنظمة التي تستهدفهم عادة -كإحدى القوى المؤثرة المرغوبة- فتربيهم على التطرف والغلو وتوجههم لخدمة أهدافها الضالة؛ ممّا يضاعف مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم وضرورة الإشراف عليهم والتعرف على رفقائهم ومن يصاحبون وتحصينهم ضد التشرب بالمشارب المتعددة والثقافات المختلفةالدخيلة مادامت لا تستند إلى ثوابت محددة واضحة وقواعد شرعية سليمة، ومقارنتها بهذه الثوابت من خلال التعليم وكذا تدريبهم على التقصي والبحث المتعدد المصادر حماية لهم من التأثر الأعمى والتبعية والزيغ والتوجه الخاطئ لكل فكر منحرف عن جادة الصواب، هادم لأمن وطنه واستقراره. إنهم الشباب الثروة الحقيقية التي لا تقدر فيجب الحفاظ عليها ورعايتها ووضع أفضل الخطط المستقبلية لها. لطيفة إبراهيم الأحمدي - جدة