كثيرا ما تعرض النظام الإقليمي العربي للانتقاد جراء ما اعتبر صمتًا على ممارسات نظام صدام حسين ضد شعبه في العراق، حتى اعتبر البعض أن الصمت العربي على انتهاكات حقوق الإنسان العراقي في حلبجة كان مقدمة لغزو العراق وسقوط بغداد، واليوم بعد ثماني سنوات من سقوط العاصمة العراقية، يواجه النظام الإقليمي العربي اختبارا صعبًا، فيما تقصف طائرات الزعيم الليبي معمر القذافي الآمنين من أبناء شعبه في مدن شرق وغرب ليبيا، بينما يسقط العشرات قتلى كل يوم بسلاح اشتراه النظام الليبي بأموالهم وكانوا يظنون أنهم أبدا لن يغتالوا بسلاحهم أو على أيدى طياريهم وجنودهم. هذه ساعة للصدق والحق وهي أيضا ساعة للإنصاف يخسر النظام الإقليمي العربي كله إن لم يغتنمها لتثبيت قيم حقوق الإنسان، ولتنزيه الثقافة العربية الإسلامية عما قد يلحق بها جراء أخطاء قاتلة يرتكبها النظام الليبي بحق شعبه، أو جراء صمت عربي غير مبرر إزاء تلك الجرائم. الذين يطالبون بفرض حظر للطيران في أجواء ليبيا، يريدون سلامة شعبها، وينشدون الأمن في كل ربوعها، ويسعون لحقن دماء الأبرياء الذين يتعرضون للقتل والتجويع والتشريد في سابقة لم تعرفها المنطقة ربما على مدى تاريخها كله.بما يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وللقانون الدولي ويمثل جريمة بشعة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عليها أو التغاضي عنها. وهو ما يقتضي تدخلاً سريعًا من قبل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة لوضع حد لتلك الانتهاكات والمجازر فورًا بدءًا من توجيه إدانة قوية لهذا النظام الخارج عن القيم الإنسانية والعمل على ضمان سلامة وأمن المواطنين الليبيين، والسماح بالمرور الآمن للمساعدات الإنسانية للمتضررين واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتحقيق تطلعات الشعب الليبي وحماية المدنيين بما في ذلك فرض الحظر الجوي على الأجواء الليبية لوقف الغارات التي يشنها نظام القذافي ضد مواطنيه. تأكيد أمين عام مجلس التعاون الخليجي على رفض كافة أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا والالتزام الكامل بالمحافظة على الوحدة الوطنية للشعب الليبي وعلى سيادة ووحدة وسلامة أراضيه يحدد أبعاد الرؤية الخليجية لما تشهده ليبيا الشقيقة من تطورات وأحداث مصيرية تهم الأمة العربية بأسرها.