ليس بوسع أحد لوم الشعب الفلسطيني على يأسه من عشرات المبادرات ومشاريع السلام التي ظلت تطرح منذ بداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي ، ومن عشرات القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة بكافة هيئاتها ومنظماتها بدءًا من القرار 181 الخاص بتقسيم فلسطين الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 1947 ، دون أن ترى أي من تلك المبادرات أو القرارات النور لسبب واحد لا يزال يشكل العائق الأكبر أمام تحقيق الأمن والسلام في المنطقة ، وهو التعنت الإسرائيلي وغض طرف الغرب عن هذا التعنت وإلى حد تقديم كافة أشكال الدعم غير المشروط لطفلته المدللة إسرائيل ، ومدها بكافة أسلحة الدمار التي تستخدم في قتل الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني وبما يشكل تناقضًا واضحًا فيما تدعيه تلك الدول من دعمها لحقوق الإنسان في الثورات التي تشهدها العديد من الدول العربية وبين انتهاكات إسرائيل الصارخة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. ترويج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمبادرة جديدة تحت مسمى مبادرة نتانياهو السياسية للحل المؤقت او المرحلي والمزمع الكشف عنها خلال زيارته المرتقبة للولايات المتحدة لحضور مؤتمر «ايباك»، عبر خطابه الذي سيلقيه أمام الكونغرس الأمريكي وسط حملة دعائية واسعة من خلال تصوير تلك المبادرة بأنها تشكل المخرج المناسب من المأزق الذي وصلت إليه عملية السلام وتصوير نتنياهو بأنه رجل سلام يعمل جاهدًا لإعادة عملية السلام إلى مسارها الصحيح الذي يعني في مفهومه العودة إلى دائرة المفاوضات المقفلة ، هذا الترويج وتلك الحملة الدعائية تنطلي على خديعة كبيرة يحاول نتنياهو من خلالها تفادي الغضبة الفلسطينية المتوقع انفجارها من خلال انتفاضة عارمة تعم الضفة والقطاع للمطالبة بإقرار حقوقه المشروعة التي يفترض دعم الغرب لها مثلما يفعل الآن بالنسبة للثورات التي تشهدها بعض الدول العربية وإلى حد التلويح باستخدام القوة للانتصار لتلك الثورات. الشعب الفلسطيني يدرك جيدًا أن هنالك مرجعيات قانونية ودولية كافية لإقرار حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة ، ممثلة في المبادرة العربية للسلام ، وأنه لا داعي للمزيد من المبادرات، لأن المطلوب من إسرائيل فقط الانصياع إلى القانون الدولي وإنهاء الاحتلال فورًا ، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بتخلي الغرب عن صمته المريب حيال الانتهاكات الإسرائيلية.