العملية النقدية العربية معقّدة في تكوينها، غير واضحة الملامح في قديمها وحديثها؛ فقديم النقد العربي يضم تشكيلة عجيبة من النقاد والرواة، ورجال اللغة كلهم يشملهم مصطلح “ناقد” ما بين ابن الإعرابي، الأصمعي، والمفضل الضبي، مرورًا بنقاد مثل: الصولي، الآمدي، ابن طباطبا، ابن قتيبه، قدامة بن جعفر، وأبي هلال العسكري... الخ من هذه الأسماء، ولا نستثني من النقد القديم سوى الجاحظ، وابن المعتز لأنهما مبدعان في العملية النقدية، انصهرا في عملية النقدية وخبراها... وثمة ملامح لا تخفي عند: ابن سلام، وابن رشيق القيرواني... وهذه الناحية ربما قادتنا إلى التساؤل عن علاقة الإبداع بالنقد وهي علاقة وثيقة بحيث “لا ناقد إلاّ المبدع”، وهي حقيقة تؤكدها أسماء مثل: الجاحظ، وابن المعتز قديمًا، وأدونيس، وصلاح عبدالصبور حديثًا على المستوى العربي، كما يؤكدها “كولردج”، و “ودزورث” - شاعران ناقدان مرموقان -وت . س . إيليوت الشاعر والناقد الكبير، غير أن مشكلة طرأت على ساحة النقد في السنوات الأخيرة تمثل في صنفين من النقاد: 1 – النقاد و الأكاديميون الذين هلوا من مناخ الأكاديمية على ساحة النقد. 2 – ناقلوا النظريات ممن يدرجهم الكثيرون تحت مسمى “النقاد” وهم لا يعطون النقد بمعناها الحقيقي وكل جهدهم يكون في “ترجمة نظرية” أو نقلها إلى ساحة النقد العربي.. فشكلوا علامة استفهام حول مدى تمثيلهم للنقد..؟؟ وتبقى الإجابة.. عمن يكون الناقد..؟؟ ومتعلقة بمعرفة ماهية الناقد، وكيف يتشكل؟ ومن هو الناقد الحقيقي..؟ لقد أصبح مصطلح “ناقد” من الشيوع والانتشار بحيث أصبح “حلة” يروق للكثير لبسها والتباهي بها خاصة في وقت افتقار ذلك الكثير لموهبة الإبداع.. الأساس في الموضوع كله.. !!