نشر الزعيم الليبي معمر القذافي أمس قوات جيشه في منطقة قريبة من حدود بلاده الغربية في تحد للضغوط العسكرية والاقتصادية للدول الغربية، مما زاد المخاوف من منحنى أكثر عنفًا في واحدة من أكثر الاحتجاجات دموية في العالم العربي، وتنامت الشكوك في أن الزعيم المخضرم الذي يشغل السلطة منذ أكثر من أربعة عقود لا يفهم حجم القوة المحتشدة الآن ضده ،والتي أنهت سيطرته على شرق ليبيا. وقال القذافي في مقابلة مع شبكة تلفزيون (إيه.بي.سي) الأمريكية وهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) الاثنين “شعبي كله يحبنى. انهم مستعدون لأن يموتوا دفاعًا عني”. وبعد 12 ساعة فقط من قول الولاياتالمتحدة أنها تحرك سفنًا حربية وقوات جوية إلى مناطق اكثر قربًا من ليبيا المصدرة للنفط عادت قوات القذافي لتثبت وجودها امس في معبر ذهيبة الحدودي وزينت موقعها بالاعلام الليبية. وقال صحافيون في الجانب التونسي من الحدود إن وحدات من الجيش الليبي ظهرت قبل غروب شمس الاثنين واعلنت أن الحدود مغلقة الآن. وشاهدوا عربات للجيش الليبي وجنودًا يحملون بنادق كلاشنكوف. وفي إلىوم السابق لم يكن هناك وجود امني عند المعبر الحدودي. وتقع ذهيبة على بعد نحو 60 كيلو مترًا من بلدة نالوت، ويخشى سكان نالوت أن تستعد القوات الموالية للقذافي لشن هجوم لاستعادة السيطرة على البلدة الواقعة على بعد 60 كيلو مترًا من الحدود التونسية في غرب ليبيا من المحتجين الذين يسعون إلى إنهاء حكم القذافي. وقال ساكن في نالوت إن القوات الموالية للقذافي “تحيط بالمنطقة القريبة من الحدود التونسية.. انها جاءت برشاشات ثقيلة على سيارات رباعية الدفع وعشرات من المسلحين المجهزين بأسلحة خفيفة”، وقال: “هم قالوا إنهم جاءوا لملاحقة البلطجية. لكن سكان نالوت لا يصدقون هذا. الجميع في حالة تأهب لهجوم محتمل من نفس القوات لاستعادة المدينة”، وقال ساكن آخر في نالوت إنه سمع جنودًا ليبيين تحركوا صوب الحدود مع تونس. واضاف قائلًا: “لا يوجد قتال في نالوت. هم مروا بها وتقدموا إلى الحدود حول منطقة وازن. الناس لا يعرفون ماذا سيحدث هنا”. وقال شهود في مصراتة -وهي مدينة يسكنها نصف مليون نسمة على بعد 200 كيلو متر شرقي طرابلس - وفي الزاوية - وهي بلدة استراتيجية يوجد بها مصفاة نفطية على بعد 50 كيلو مترًا إلى الغرب- إن قوات الحكومة تشن او تستعد لشن هجمات، وقال شاهد في مصراتة اسمه محمد بالهاتف: “اسقطت طائرة هذا الصباح اثناء قيامها بإطلاق النار على محطة الاذاعة المحلية.. المحتجون أسروا طاقمها”، واضاف أن معركة جارية للسيطرة على القاعدة الجوية. وهو ما نفاه مصدر حكومي ليبي، وأبلغ ساكن في الزاوية يدعى ابراهيم بالهاتف أن كتائب يقودها خميس ابن القذافي وصلت إلى مشارف البلدة وتبدو مستعدة للهجوم، وفي طرابلس المعقل الاخير للقذافي قتل بضعة اشخاص وأصيب آخرون أمس الأول عندما فتحت القوات الموالية له النار لتفريق محتجين في حي تاجوراء حسبما قالت صحيفة قورينا الليبية. واضافت الصحيفة أن الاحتجاج شارك فيه عشرة آلاف شخص. وقال طبيب في الحي في وقت لاحق إن المحتجين تفرقوا بعد أن شاهدوا سيارات مملوءة بأفراد ميليشيا مسلحين، وقال ساكن آخر في طرابلس إن هناك وجودًا كثيفًا لقوات الأمن. واضاف قائلًا: “نحن في انتظار الفرصة للاحتجاج... نأمل بأن ينتهي هذا قريبًا لكنني اعتقد أنه سيستغرق فترة اطول كثيرًا مما كان متوقعًا”. وتكونت في طرابلس طوابير أمام المخابز وأثار ارتفاع اسعار الارز والطحين (الدقيق) غضب السكان. وقال باسم (25 عامًا) الذي يعمل في بنك: “لا يوجد طعام كاف” وأضاف أن عددًا كبيرًا من العاملين في القطاع العام لم يتسلم راتب فبراير بعد. كما احتشد المواطنون امام البنوك المملوكة للدولة التي بدأت في توزيع منحة قدرها نحو 400 دولار لكل أسرة في محاولة من جانب حكومة القذافي لحشد التأييد له. من جهتها اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة أمس أن الوضع على الحدود بين ليبيا وتونس بلغ مستوى “الأزمة” بعد فرار ما بين 70 ألفًا و75 ألف شخص من ليبيا منذ 20 فبراير. وقالت ميليسا فليمينغ المتحدثة باسم المفوضية خلال لقاء صحافي: “اوضحت لنا فرقنا الموجودة على الحدود بين ليبيا وتونس أن الوضع بلغ مستوى الازمة”. واضافت: “ينتظر عشرات الاشخاص نقلهم باسرع وقت (خارج تونس) في الوقت الذي نتوقع فيه وصول ما بين عشرة آلاف و15 ألف شخص” من ليبيا. وتابعت أنه “بحسب السلطات التونسية فإن ما بين 70 الفًا و75 ألف شخص” غادروا ليبيا للجوء إلى تونس منذ 20 فبراير، واكدت أن “نحو 14 ألف شخص عبروا الحدود الاثنين وهو العدد الاضخم حتى الآن”.