( 1 ) كل الطغاة الذين نجحت شعوبهم في الإطاحة بهم عبر ثورات سلمية، نفوا بشدة وجود أي تشابه بين أنظمتهم والأنظمة الأخرى. النظام الاستبدادي في مصر قال أنه لا يشبه النظام في تونس، وأكد على وجود فروقات كبيرة بين ظروف البلدين. والباش مهندس الذي هدد الشعب الليبي عبر كلمته ( التاريخية ) بكل شيء وأي شيء، ابتداء بالحرب الأهلية ومرورا بعودة الاستعمار وانتهاء بالعنقاء وأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة، قال بثقة متناهية أن معمر القذافي ليس زين العابدين بن علي وليس حسني مبارك. أنا اصدق كل ما قيل عن الاختلافات بين هذه الأنظمة. لكن ما لم يفهمه قادة هذه الأنظمة، أن ما يصنع الفارق هو اختلاف الشعوب وليس اختلاف الأنظمة. نعم.. الأنظمة الثلاثة المذكورة آنفا، مختلفة.. لكن الشعوب الثلاثة التي أطاحت بهم لا تختلف عن بعضها البعض في صبرها وقوة تحملها وصلابة إرادتها وأصالة معدنها ومخزونها الحضاري العظيم وإحساسها بالعزة والكرامة، حتى ولو توارى هذا الإحساس لمدة من الزمن بفعل سياسات القهر والقمع. ( 2 ) الثورات الثلاث التي حدثت في كل من تونس وليبيا ومصر، أثبتت أن الحكام المخلوعين لتلك البلاد، لا يعرفون شيئا عن شعوبهم. وهذا ما يؤكد على أن هؤلاء لم يقرؤوا ولو صفحة واحدة من كتاب التاريخ الذي تحتل الشعوب العربية الجزء الأكبر منه. أحيانا يبدو لي أن بعض اولئك الحكام مستوردون من الخارج. ( 3 ) قلت في مقال سابق أن القمع الصامت يمكن أن يجدي في إخضاع الشعوب، لكن وبمجرد أن يتحول القمع إلى ممارسة صريحة للعنف، ينكسر حاجز الخوف عند تلك الشعوب وينقلب السحر على الساحر. مثل اولئك الحكام ومساعديهم يجب أن يقرؤوا علم نفس الجماهير حتى يقفوا على حقيقة بسيطة جدا تقول : إذا كان من الممكن تخويف الفرد، فإن من المستحيل إخافة جماهيرهم، وبالذات إذا ما كانت غاضبة . ليس هناك ما يتسبب في الشعور بغضب الجماهير، أكثر من ممارسة انظمتها العنف ضدها. ( 4 ) لو لم يواجه النظامان التونسي والمصري جموع المتظاهرين بالعنف، لاستطاعا أن يتفاديا النتيجة المتمثلة في السقوط. لماذا ترفض الكثير من الأنظمة العربية، أن تحفظ الدرس رغم سهولته ؟!