خبر أوردته الوطن (21 فبراير) عن (إطلاق الجهات الأمنية في شرطة وادي جازان سراح قاضي تمييز وعدد من أقاربه بكفالة على خلفية اتهام صادر من مواطن ستيني وابنه للقاضي ومرافقين معه بضربهما بهروات وعصي بسبب خلاف على أرض زراعية بالقرب من قرية رديس). المهم في الخبر أن إطلاق سراح المدعى عليه كان بسبب عدم توفر شواهد وإثباتات تؤكد صحة الشكوى. أي باختصار يمكن استنتاج أن القاضي وصحبه نفوا الاتهام الموجه إليهم. أما الأهم في الخبر، فكون الاحتمالين الوحيدين يثيران حيرة في نفسي (وربما لدى غيري) تدفعني إلى الشعور بالألم والحسرة على حالنا وواقعنا. الاحتمال الأول أن يكون القاضي صادقاً 100%، وأن يكون (الشايب) المصاب بكسر مضاعف في فخذه كاذباً! وعندها يتساءل العاقل: لماذا يتهم هذا (الشايب) قاضياً (بل قاضي تمييز عالي الرتبة والمكانة) بتهمة هو منها بريء! ألم يجد في المنطقة كلها إلا هذه الشخصية المهمة (التي يُفترض أن تكون مثالاً للطيبة والرفق والتسامح) ليلبسه ظلما وعدوانا هذه التهمة الخطيرة المؤسفة؟ هل كان (الشايب) يحلم؟ أم أنه من (المخرّفين) الذين رُفع عنهم القلم؟ وأما الاحتمال الآخر، فهو أن القاضي لم يقل الحقيقة خوفاً من (اللوم الشديد)، فهو في عرف المجتمع وفي منطق الدولة آخر من يلجأ إلى العنف لأخذ حقه أو الاقتصاص ممن ظلمه بيده، إذ المفترض أن يكون القضاء (الذي ينتسب إليه) هو الفاصل في أي نزاع أو خلاف. ولو كان الحال كذلك، فقد كان الأجدى الاعتراف بالخطأ إذا حدث، فكل ابن آدم خطّاء، والاعتراف بالخطأ لا يزيد صاحبه إلا رفعة، تأكيداً لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، والتي نزلت في الثلاثة الذين خُلفوا، فصدقوا حين كذب الآخرون. أحسب أن أمام فضيلة القاضي مهمة التوضيح حتى لا يشكل على أمثالي هذا الموقف، وما يتبعه من احتمالات لا تصب في مصلحة القاضي ولا تنعكس إيجاباً على سمعة القضاء. وإن لم يفعل فأحسب أن على الوزارة فعل شيء يوضح ملابسات القضية، فلعل للقاضي عذرا ونحن نلوم. [email protected]