تعقيباً على «منشدات يبحثن عن هويتهن» منذ بدأ الإنشاد الهادف يأخذ منهجه وشكله وحتى اليوم في ذروة انتشاره تعاقبت عليه التغيرات الجوهرية والشكلية كذلك، ولعل اتساع شرائحه وأغراضه ولّد لنا اليوم “منشدة” كما هو “المنشد” تمامًا، إذ بدأنا نسمع بفتيات منشدات، ولو قرأنا الموضوع قراءة منصفة سيتضح أن ظهور المنشدات ليس وليد اليوم ولكن الضجيج حوله جاء متأخرًا، لأن وسائل الانتشار والترويج للنشيد زادت مؤخرًا فأصبحت كل خطوة تحدث في المجال أمام عين الجمهور يراها بوضوح فيقومها ثم تبدأ بعد ذلك نقاط الاتفاق أو الاختلاف. النشيد النسائي بدأ وغلب على كونه أناشيد أفراح وأعراس وتوسع المفهوم وتغير بعد أن قامت بعض الجهات الإعلامية والإنتاجية بتبني أصوات فتيات لتقديمها في ثوب طفولي يخاطب الطفل وكان ذلك مما ساعد هؤلاء الفتيات على إكمال الطريق وحدهن والإنشاد لهموم الأمة كفلسطين أو المحافل الخاصة المختلفة وشيئًا فشيئًا خرجت الإصدارات وتناقلت الأعمال وبرز لبعض منهن اسمها وجمهورها والأمثلة معلومة لدى المتابعين. مكمن المشكلة اليوم هل الإنشاد النسائي ظاهرة مقبولة أم لا؟ هذا سؤال تختلف إجابته بحسب الرؤى الشرعية والأعراف والمنطقة المُستهدَف جمهورها. ومن وجهة نظري الخاصة أن فتح الباب على مصراعيه لن يكون في مصلحتنا، كما ستواجه المنشدة عوائق كثيرة في إتمام عملها؛ إذ إن معظم الكوادر الفنية الإنشادية رجالية مما يزيد صعوبة التبادل والحرج من التسجيل لدى مهندس صوت أو تطبيق اللحن مع ملحن أو الترتيب لتسويقه مع الجهات والسلسلة لا تنتهي فضلًا عن الإشكالية الأبرز وهي الترخيم والخضوع المنهي عنه في صريح القرآن الكريم. ومع ذلك لا نسعى لتضييق الأمر مع وجود نوع من الحاجة له كالإنشاد في الإعراس والمحافل النسائية المختلفة لكنه يبقى بحدود إسماع المرأةِ المرأةَ فقط دون الدخول في دوامة خوض المجال كاملًا ومن ثم ليس ببعيد أن نرى منشدة في فيديو كليب أوفي حفل بمشاركة منشدين رجال وما سيتبع ذلك من محاذير وأخطاء لا تناسبنا، أي أن الأمر بحاجة إلى حدود صارمة ترسم لتوضع أمام ناظري كل راغبة في استثمار صوتها بما يؤدي الغرض في المحافل النسائية ولا يوقع المجال بأكمله في حرج أمام الدين أو أعراف المجتمع. [email protected]