تعقيبًا على العلامة عبدالله بن بيه..3-3 بعد أن تعرضنا للكثير مما طرحه العلامة عبدالله بن بيه حول التجديد في الفقه، نستطيع في هذه الحلقة أن نختم بالعديد من مجالات التجديد التي نراها... حيث أن للتجديد مجالات عدة، منها: أولًا: الرجوع التام إلى الأصول والمصادر التي تَكون منها هذا العلم، فتجديد علم الأصول لا يكون مثمرًا إلا برجوعه لمصادره الأصلية، وانعتاقه مما خالطه من العلوم الأجنبية عنه، ومصادر أصول الفقه اثنان: 1- الأدلة الشرعية بفهم السلف. 2- اللغة العربية. وما سوى ذلك من الفروع فهو مساعد لضبط الأصول لا ناتج لها. ثانيًا: تنقيح علم الأصول من فضول المسائل التي لا علاقة له بها وذلك يكون بطريقين: 1- بإفراد هذه المسائل عن العلم؛ مع ذكر السبب، وبيان أثرها على العلم. 2- بتصفية قواعد علم الأصول التي لها أثر ظاهر في الاستنباط مع أدلتها وأمثلتها. ثالثًا: تفعيل جانب التطبيق على جانب التنظير في الدراسات الأصولية، وهذا له عدة جوانب: 1- ربط القواعد الأصولية بالأدلة، وذلك في محافل التدريس، والرسائل الجامعية، لبيان أصلها ومصدرها. 2- الاهتمام بذكر الأمثلة الفقهية لكل قاعدة، لبيان ثمرتها وإنتاجها. 3- الاهتمام بتطبيق القواعد الأصولية على النوازل الفقهية المعاصرة، وبيان فاعليتها. رابعًا: التحديث والإضافة للتراث الأصولي، وذلك بأمور: 1- صياغة التراث الأصولي وتحديثه بأسلوب عصري مدعوم بالأمثلة والترجيح، وتحرير المصطلحات ما أمكن خاصة في المناهج الدراسية الأصولية. 2- إضافة ما لا بد منه كالمقاصد الشرعية، ولا سيما في المناهج. 3- تقليل الاعتماد على المتون الصناعية ما أمكن، خاصة المنظومات؛ لما فيها من التعقيد وقلة الفائدة. 4- الاهتمام بالموضوعات الأصولية التي كثر الكلام حولها، كالمصالح، والنسخ، وغيرها. خامسًا: التجديد من جهة الصياغة وطريقة التأليف، وهذا له طرق: 1- مؤلَف يهتم بإعادة الصياغة لبعض القواعد الأصولية. 2- مؤلَف يهتم بأخطاء الأصوليين في طريقة التأليف. ضوابط التجديد: 1- صياغة المباحث الأصولية بأسلوب سهل قريب 2- تصفية الأصول من الدخيل: صفيته من خلاف غير المسلمين. - تصفيته من خلاف المذاهب المنقرضة المخالفة. - تصفيته بحذف الأمثلة الفرضية. - تصفيته من الخلاف اللفظي. - تصفيته من الأقوال والمذاهب التي لا قائل لها. - حذف ما لا تأثير له في الفروع. 3- الربط بين الأصول والفروع لأن هذه هي غاية هذا العلم. 4- الاهتمام بدراسة مقاصد الشريعة. 5- المتابعة التاريخية الدقيقة لمسيرة هذا العلم. 6- إعادة هيكلة المادة الأصولية بما يتيح للباحث التوسع في الدراسة بما يواكب العصر. 7- تطوير بعض المفاهيم، كمسألة الشروط والضوابط الموضوعة للإجماع. 8- استخدام أدوات المنهج التجريبي في بعض المسائل، كالعرف، والعادة، والضرورة. شروط التجديد: 1- التحيز للإسلام: المقصود بالتحيز هنا: وجود مجموعة من القيم الكامنة المستترة في النماذج المعرفية والوسائل والمناهج البحثية التي توجه الباحث دون أن يشعر بها وإن شعر بها وجدها لصيقة بالمنهج لدرجة يصعب معها التخلص منها. 2- الإيمان بفكرة التجديد: تكتسب الدعوة التجديدية مصداقيتها وفاعليتها من الإيمان بها على نحو يجعل من عملية التجديد ضرورة دينية وعلمية، ويكون ذلك بأن يستحضر حامل الدعوة التجديدية أن ما يقول به واجب شرعي يفرضه عليه التزامه بالمشروع الحضاري الإسلامي، الرامي إلى التمكين لدين الله في الأرض. 3- الأهلية العلمية، وتتمثل في شروط المجتهد المبسوطة في كتب الأصول. 4- الملكة الأصولية الناشئة عن مزاولة تلك القواعد، والتدرب عليها. تنبيهات: 1- تجديد أصول الفقه لا يعني هدم جهود السابقين وإنما هو محاولة تطوير تلك الجهود. 2- تجديد أصول الفقه لا يعني التنكر لفضل علماء الأصول، بل يعني احترام فضلهم، والاهتمام بعملهم. 3- القواعد والمسلمات العقلية أو اللغوية أو الشرعية قطعية لا مجال للتطوير فيها.