لم تشهد مصر أيامًا عصيبة منذ عام 1967 كالتي تشهدها اليوم ، لكن محنة مصر عام 1967 كانت بمسببات تختلف كلية عن مسببات محنتها الآن بعد أن وصلت تلك المحنة إلى حد تهديد الوحدة الوطنية للشعب المصري ، وهي السياج الذي ظل ، ولا يزال، يحفظ لمصر أمنها ووحدتها وشموخها ، وهي أيضًا السلاح الذي انتصرت به على جراحها بعد حرب حزيران وصممت على محو آثار العدوان بهذا السلاح الذي لا يهزم. اليوم هنالك من يحاول ليس فقط تعطيل هذا السلاح ، وإنما أيضًا استخدامه لضرب وحدة الشعب المصري وشق صفوفه بما ينذر بجر مصر – لا سمح الله – إلى مهاوي حرب أهلية لا يعلم إلا الله مدى ما قد تصل إليه من مآسي . على أبناء مصر الخلصاء وشبابها الشرفاء أن يرفعوا شعار (لا) لركوب البعض الموجة، ولا لمن يحاول فرض فراغ أمني ، ولا لمحاولة البعض سرقة المكتسبات التي حققها شباب مصر الطاهر البريء الذي لم تلوثه أحزاب أو منظمات وإنما عبر عن صوت مصر وضميرها وآمال وتطلعات شعبها الأبي . على أبناء مصر المخلصين أيضًا أن يقولوا (نعم) للجان الشعبية .. نعم لحكماء مصر .. نعم لمثقفي مصر ... نعم لسلامة مصر واستقرارها، والأهم من ذلك كله : نعم للوحدة الوطنية واستمرار مصر شعبًا واحدًا . مصر اليوم ، وأكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى عقلائها وحكمائها لكي يقوموا بدورهم لتبصير الشعب المصري بمخاطر المرحلة ، وأهمية الابتعاد عن كل ما من شأنه إحداث شرخ في جدار الوحدة الوطنية المصرية ، وانقسام الشعب المصري إلى فريقي موالاة ومعارضة . كما ينبغي على وسائل الإعلام والمحطات الفضائية العربية الابتعاد عن أساليب الإثارة في نقل تطورات الأحداث في مصر ، واختيار الأشخاص المشهود لهم بالحكمة والعقل المستنير لإجراء الحوارات والمقابلات معهم ، والتزام الموضوعية وعدم تأجيج المشاعر بهدف التحريض. إن سلامة مصر وأمنها ووحدتها الوطنية ينبغي أن يكون شعار وهدف كل مصري وعربي وصديق محب لمصر، لأن أي مكروه أو مصاب يصيب مصر – لا سمح الله – لابد وأن تكون له تبعات وانعكاسات سلبية على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها.