وسط الانتقادات الزاعقة للمسؤولين “الكسالى” الذين أداروا ظهورهم لأزمة السيول الأخيرة واكتفوا بتقديم عقار الكلمات من على مكاتبهم “الفارهة وداخل سياراتهم” المكيفة ظهر الفريق سعد التويجرى مدير عام الدفاع المدني ليرسم صورة جديدة للإنسان السعودي المخلص الذى حركته فاجعة السيول بتداعياتها المؤلمة للوقوف بجوار أهله وعشيرته من سكان الأحياء المنكوبة وحفزته للاقتراب من معاناة البسطاء ممن زحف سيل الأمس ليسرق حاضرهم الجميل ويحكم على أحلام مستقبلهم بالتوقف. وبعيدا عن المهام الوظيفية التى قد تدعو رجلا كالفريق التويجري لتفقد المواقع ميدانيا والوقوف على ما آلت اليه من خراب يبقى لي في هذا الرجل الناجح رأي كسر حدود الفردية ليصبح جماعيا.. رأي قرأته على صفحات قلوب أهالي حي التوفيق وسمعته من أصواتهم الراضية عن جهود هذا الفارس. فالفريق التويجرى لم يكتفِ بسماع شكاوى المهزومين من الماء وتهدئة كلماتهم بكلمة أو تصريح بل رفض أن يغادر المكان الا بعد أن يقدم حلولا عملية فاعلة. حضر الفريق التويجري الى حي التوفيق والسامر والأجواد فهاله ما رأه واستشعر مسؤوليته تجاه اولئك المتضررين. الأهالى أحاطوا به بالآلاف آملين أن يكون طوق نجاتهم من الأزمة الزاحفة بلا رحمة لم يتهرب من مواجهتهم .. ولم يتنصل من المسؤولية ولم يتضجر من حدة انتقادهم ولم يأمر مرافقيه بإبعادهم عنه .. كانت ابتسامته دواء للمجروحين واستجابته لمطالبهم علاجا لمأساتهم. ركب الفريق التويجري مع أفراده على أحد القوارب المطاطية ليباشر بنفسه إنقاذ بعض المحتجزين .. تحدث إلى بعض الأسر وأقنعهم بمغادرة منازلهم التي رفضوا تركها . وزع المواد الغذائية على الأهالي .. بث في نفوسهم الاطمئنان بحديثه اليهم .. واعاد اليهم الامل في انتهاء معاناتهم قريبا. في لحظات أمسك بجهازه اللاسلكي واستدعى كل الجهات المعنية وخلال ساعات اصبح المكان غير المكان تغير المشهد تماما . وتحول المكان الى خلية نحل.. أرتال من الآليات التي باشرت العمل فورا وبإشراف منه في فتح القنوات لتصريف المياه وتخليص المنازل من شبحها . وقف الاهالي احتراما لذلك المسؤول .. صفقوا فرحا بما قام به .. وقدموا له “تعظيم سلام” هذا المشهد الذى استمر لأيام حفز قلمي لكلمة حق لرجل يستحق .. رجل علا على رتبته العسكرية ونزل إلى الميدان بوصفه مواطنا سعوديا ينبض قلبه بنبضات الحب والحرص على جدة وإنسانها . أصدر قراراته بلا تراجع وتوجيهاته بلا تردد لإيمانه أنه يعمل لحماية الإنسان “رهان المجتمع وكلمة سر نجاحه”. نعم لقد ابتسمت أحياء جدة واستردت شيئا من أنفاس الأمل الغائب بعد أن ظلت لأسابيع تشكو وجع السيل ابتسمت أحياء جدة بعد أن تأكد لسكانها أن بجدة رجالا مخلصين يواصلون الليل بالنهار من أجل راحة الأهالى دون التفرقة بين هذا وذاك وبلا ميزان تحكمه الوجاهة والمحسوبية والوساطة. إننى اليوم أكتب بقلم يحمله الجميع وعلى ورق يسع المشاعر الطيبة لرجل قدم الصورة المثلى للمواطن الشريف وأكد لنا أن تخاذل البعض ليس قاعدة بل المواقف الشريفة ستظل هى العنوان.