قال الضمير المتكلم: أعزائي أكتب لكم هذه السطور من مصر، وأبعثها لكم بالفاكس بصحبة انقطاع الإنترنت، أكتب لكم تحديدًا من القاهرة، وما عشته هناك خلال تجوال في عدة مناطق وميادين، وأفخر بالكتابة عنه بعيدًا عن الإسقاطات السياسية، فقد تحمّل الكثير من أفراد المجتمع المصري، ولا سيما الشباب مسؤولياتهم، ودورهم في خدمة مجتمعهم، وحماية المنازل والممتلكات الخاصة والعامة في ظل الفوضى والفلتان الأمني! فهناك شباب في عمر الزهور، شكّلوا فورًا لجانًا شعبية تحمل على عاتقها تنظيم الأحياء، وحمايتها بأرواحهم، وبأيديهم البريئة المجردة إلاّ من أسلحة بدائية بيضاء (عبارة عن قطع أخشاب أو حديد، وزجاجات، وحجارة)!! أولئك الأنقياء كانوا يضعون متاريس في الشوارع والأزقة أمام أحيائهم وبيوتهم، ورغم البرد القارس كانوا يواصلون الليل بالنهار للوقوف أمام أي مجموعة تحاول ممارسة السلب أو النهب!! أصدقكم القول عندما شاهدتُ بعضهم أسفل مكان سكني، أخذتني العزّة، ونشوة الفخر بما صنعوا، فما كان مني إلاّ أن أنزل اليهم مهللاً وشاكرًا لهم تلك المبادرة، بل وساهمتُ معهم في هذا العمل النبيل! أعتقدُ أن ما قام به أولئك الشباب قدّم درسًا تجب الإفادة منه، من خلال تكريس أهمية العمل الاجتماعي في نفوس شبابنا، وتعويدهم، وتدريبهم عليه للقيام بأدوارهم في الظروف الطارئة -لا سمح الله-!! فشبابنا -ذكورًا وإناثًا- أثبتوا خلال أحداث أمطار جدة والرياض وغيرهما حبّهم للعمل الاجتماعي والخيري، وتسابقهم عليه، ولكن ما ينقصهم أن تكون تلك الممارسات مؤسسية ومنظمة، تحت مؤسسات مدنية تقدّم لهم الغطاء الشرعي، والتدريب على التعامل مع مختلف الظروف!! وهذا ينادي بوجوب فتح المجال للدورات التطوعية المختلفة، ووضع حوافز لمن يكتسبونها سواءً في دخول الجامعات، أو في التعيين، أو في سلم الرواتب، حتى يكون أولئك درعًا يحمي الوطن والمواطن، ويساهم في خدمته. أخيرًا تحية تقدير واحترام لأولئك الشباب المصري على جهودهم في حماية مجتمعهم، ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة. [email protected]/فاكس: 048427595