في بعض المجتمعات التي تجعل المسؤول فوق البشر وفوق القانون فهو لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، هذا المسؤول والذي يقوم باتخاذ قرارات خاطئة متسرعة دون دراسة جوانبها وأبعادها أو استشارة ذوي الخبرة والاختصاص بسبب غروره وتعاليه وغطرسته وعنجهيته يسبب حرجاً على الدولة، وكلما ارتفع شأن هذا المسؤول كان حجم الضرر جراء قراراته أكبر، فالوزير على سبيل المثال أياً كانت الحقيبة التي يحملها مهمة أو أقل أهمية، خدمية أو مدنية فهو من أركان النظام ودعائمه وأي قرار سواء كان اقتصاديا أو حقوقيا سينعكس سلباً أو إيجابا على الدولة بأكملها وقد يؤثر ذلك على الثقة باقتصادها أو في مكانتها بين الدول أو سمعتها من خلال التقييمات والتصنيفات والتقارير، كتقارير منظمات حقوق الإنسان وتقارير الصحة العالمية والتعليم وتصنيف الجامعات وكل ما إلى ذلك من نسب ومعدلات ومتوسطات كمتوسط دخل الفرد ونسبة البطالة، ومعدلات التنمية والخطط المستقبلية ومستوى الخدمات والبنية التحتية وحجم فرص الاستثمار ومقدار الطلب والأنظمة والقوانين... الخ. وما ينطبق على الوزير ينطبق على مسؤولين آخرين فالسفير يمثل دولته وأي كلمة يصرح بها يفترض أنها تشير إلى توجه وسياسة دولته فهو ليس شخصاً عادياً يصرح بما يشاء حسب أهوائه ومزاجه وميوله العاطفية أو السياسية، والقاضي أيضاً يمثل الدولة في إقامة العدل، والعدل لا يكون بإصدار أحكام دون النظر إلى ملابسات القضية والمسوغات والأدلة والقرائن والتحاور مع جميع الأطراف وإعطائهم الوقت الكافي ومعاملتهم باللين والرفق وسماع أقوالهم وأقوال الشهود واحترام وجهة نظرهم دون تعال أو تحقير أو تسفيه أو التهديد بالسجن أو الحبس ودون التعنت أو التصلب في رأيه، والاحتكام إلى الشرع والمنطق والعقل وأن يضع نصب عينيه ظروف الدولة وما تمر به وسياساتها وعلاقتها مع المجتمع الدولي حتى لا يتسبب بها في حرج كبير وهكذا، كذلك من هم في مواقع إدارية وتنفيذية ورقابية رسمية أو غير رسمية دينية أم مدنية، كموظفي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي لا توجد إلا في بلادنا وما يقوم به بعض أفرادها غير المنضبطين من ممارسات وتصرفات غير لائقة والتهم الجزافية الجاهزة تلقى على مجتمع أعزل، والتي لا تخدم الأهداف السامية التي قامت من أجلها الهيئة ولا تتفق مع مضمون مسماها، لذلك فكل مسؤول هو مسؤول أمام الله وأمام دولته وشعبه على كل كلمة يتفوه بها وكل قرار يتخذه وكل عمل يقوم به وسوف يحدد بإرادته ورغبته موقعه في التاريخ والمكان الذي سيقبع فيه. فاكس: 6602228/02 [email protected]