الدروس والعبر المستفادة مما جرى ويجري في تونس البلاد العربية المسلمة الحرة الأبية وللشعب التونسي الشقيق خلال الأسابيع الماضية كثيرة وكثيرة جداً من أهمها إنه لا يمكن للأحوال أن تتغير وتتبدل بين عشية وضحاها دون ترشيد للحراك السياسي حتى لا تختطف ثمار التضحيات. من ركائز الدكتاتورية قابلية شعب ما لأن ُيعطى الدنية في دينه ودنياه وهو ما أثبت الشعب التونسي الأبي أنه عكس ذلك تماماً ، والدكتاتورية جملة أفكار ومعتقدات فاسدة لا تستند إلى هدى رباني ولا حتى للتجارب البشرية الرشيدة في الحكم وإدارة الحياة ، كما تتفعل الدكتاتورية من خلال منظومة مؤسسات سياسية وأمنية وإقتصادية تقوم على تطبيق فكرها المنحرف ولا يمكن إقتلاعها من جذورها كما تجتث الشجرة الخبيثة دون تفنيد الفكر الضال الذي تستند إليه. من بين دروس الثورة التونسية أن الدين فطرة في النفس البشرية لا يمكن لأي نظام حاكم جبروتي أن يقتلعها من نفوس الناس لا ولا أن يقضي على حب الناس لربهم وخالقهم ولا على التعبد لله رب العالمين ، إن الثورة التونسية في أحد جوانبها دليل حي على فشل الحرب على الهوية الإسلامية مهما طال الأمد ومهما تكثفت الجهود وسواءً أكانت تلك الحرب بأيدٍ أجنبية أو بأيدي أقوام من الداخل ، وأن الله متم نوره على عباده ولو كره الكارهون. أود أن أؤكد على موقفي من مشعل فتيل الثورة التونسية محمد بوعزيزي بإضرامه النار في نفسه بعد أن قام العديد من الشباب العربي من مختلف الدول العربية بتقليده ، إن ما فعله محمد بوعزيزي على عظمته لا يشكل قدوة للشباب المسلم في أي بلد ، فقتل النفس التي حرم الله بغير الحق بما في ذلك قتل الذات ليس من شرع الله تعالى ولا من التراث الإسلامي في شئ ، حتى وإن نجح منفذه فيما عجز عنه الأخرون ، وما هذا الموقف من قبيل الحكم على البوعزيزي بقدر ما هو غيرة على دين الله تعالى من التشويه. تجربة الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان يعتبر الدين أفيون الشعوب خير شاهد على عدم قدرة الدكتاتوريات على قتل التدين في نفوس البشر ، فبمجرد سقوطه بعد سبعين سنة من القهر الديني عادت المساجد وغيرها من دور العبادة في جميع أرجائه لتكون عامرة بالعباد وعاد صوت الدين والتدين عالياً مدوياً في دروب الحياة من جديد. وكذلك الحال في تونس الخضراء المسلمة العربية الشقيقة التي ما كادت تخف عنها قبضة الديكتاتورية العلمانية بل الجبروتية حتى عادت لها مظاهر حرية التدين في صور شتى نعرج على البعض منها نظراً لضيق المساحة : حرية الشعب التونسي في أداء الشعائر التعبدية وعلى رأسها الصلاة : والتي عبر عنها الشباب التونسي المؤمن باداء الصلوات جماعة جهاراً نهاراً دون خوف من الأجهزة الأمنية في شوارع العاصمة التونسية وغيرها من مدن تونس المسلمة بعد أن تمادى النظام المخلوع في محاربة الصلاة والمصلين عندما جعل من تونس الدولة الوحيدة في العالم التي لا يسمح فيها بدخول المساجد إلا ببطاقات أمنية ممغنطة تسجل على المصلي هويته والمسجد المسموح له الصلاة فيه والمدة التي يقضيها في المسجد. مع حكومة النظام المخلوع لم تفعل الأمر ذاته مع اليهود والنصارى التونسيين فأولئك يسمح لهم بالصلاة في الكنائس والمعابد بدون تصريح مسبق ، ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ، لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) . حرية المرأة التونسية في ارتداء الحجاب الشرعي : بعد أن منعت حكومة النظام السابق وإمتداداً لسياسة الحبيب بورقيبة لسنوات طويلة الحجاب وحرّمته على الفتاة التونسية في جميع المراحل التعليمية وعلى المرأة التونسية الموظفة في جميع الدوائر الحكومية ، بل حتى في الحياة العامة فقد كانت قصص تطاول رجال الشرطة التونسية وأساليبهم في نزع الحجاب عن رؤوس النساء التونسيات في الأماكن العامة مفزعة ، وبلغ الأمر مداه بزج نساء تونسيات فاضلات إلى غياهب السجون دون ذنب سوى اللهم الامتثال لفريضة دينية وهي ارتداء الحجاب. حرية نقل المادة الإعلامية الدينية في التلفزيون التونسي : فلأول مرة وبفضل الله ثم بفضل الإنتفاضة التونسية ، ومنذ زمن الحبيب بورقيبة الذي منع التونسيين من فريضة صيام رمضان بزعم الحفاظ على الإنتاجية ، قام التلفزيون الرسمي التونسي بقطع بثه المعتاد ليقوم بتعطير آذان المشاهدين بنقل الأذان للصلوات الخمس ، وبث ما يتيسر من القرآن الكريم بعد أن كان ذلك من المحرمات في عرف النظام المخلوع. هذا غيض من فيض مما أنعم الله تعالى به على الشعب التونسي الكريم من عودة لمظاهر الهوية الإسلامية بسبب تمسكه بدينه وتاريخه الإسلامي العظيم ، والدرس المستفاد هو الخسران المبين والفشل المحتم هو مصير كل من تسول له نفسه حرب الله ورسوله ودينه ،لقد فشلت الدكتاتورية الاشتراكية العلمانية في مسخ الهوية الإسلامية في تونس المسلمة بالحديد والنار بعد 50 سنة ، وستفشل كل مرة يحاول فيها الظالمون في أي بلد مسلم كان مسخ الهوية الإسلامية للشعوب المسلمة بالحديد والنار ، أو حتى بالفكر المخالف للمنهج الرباني ففطرة الناس تأبى إلا أن يكونوا عباداً لخالقهم ورازقهم ومن إليه المنقلب والمصير. [email protected]