لم يجد الموسيقار المغربي عبدالوهاب الدوكالي من سبب لتراجع الأغنية المغاربية عمومًا سوى الإشارة إلى أن ذلك تم بسبب تمدد الأغنية المشرقية، مبينًا أن الشرقيين اكتسحوا السوق العربية ككل؛ وذلك بالتعاقد مع المحطات التلفزيونية العربية، ومؤكدًا أن هذا التراجع في الأغنية المغاربية ليس في المغرب وحده بل في كل دول المغرب العربي عمومًا، داعيًا إلى فتح المجال أمام الأغنية المغاربية في المحافل العربية وبخاصة مهرجان قرطاج الفني، وغيرها من المهرجانات الأخرى. الموسيقار عبدالوهاب الدوكالي يواصل حاليًا عطاءه داخل المشهد الغنائي المغاربي، حيث بشّر بألبوم جديد سيغني فيه لأئمة وعلماء كبار مثل الإمام ابن العربي والإمام البصيري والإمام الحراق والإمام الشافعي وعمر الخيام. الأربعاء حاور الدوكالي حول عدد من القضايا بعد أن تم تكريمه مؤخرًا في أيام قرطاج الموسيقية وقد كان ضمن لجنة التحكيم الدولية لمسابقتي الأغاني والمعزوفات. دورة مميزة * كيف وجدت حال الأصوات المشاركة في الدورة الأولى لأيام قرطاج الموسيقيّة؟ سمعنا في هذه الدورة الأولى صراحة أصوات واعدة، وأشعار ممتازة تبشّر بالخير خاصة عندما أرى شبابًا يتطرّقون إلى موضوعات نادرة، حتى بالنسبة للألحان هناك مجهود كبير، وهذا يفتح المجال للإبداع خصوصًا للشبان المتمكنين من الموسيقى، وفيهم دكاترة في الموسيقى، وهذا جعلنا نجد صعوبة في اختيار ما هو أجود لأن في بعض المرات تجد نفسك أمام أعمال متوازنة ومتكافئة. الحقيقة فاجأتني هذه الدورة بالمستوى المتميّز للألحان والأصوات والأشعار. سيطرة مشرقية * كيف ترى الأغنية المغربية الحالي؟ - حال الأغنية المغربية اليوم يشير إلى أنه يوجد الكثير من الأغاني الشرقية في الساحة جعلت الأغنية المغربية تتراجع شيئًا ما، ربما قد لا نسميها تراجعًا بالمعنى المعروف بل هي حالات تأمل، الإنتاج موجود لكن ليس بالغزارة التي كانت من قبل لأن الشرقيين اكتسحوا السوق العربية ككل، وذلك بالتعاقد مع المحطات التلفزيونية العربية، وهذا التراجع ليس في المغرب فقط بل في كل دول المغرب العربي عمومًا، ومع هذا الإنتاج موجود. قاعدة للقاءات * في ضوء ما تقول.. برأيك كيف يمكن النهوض بالأغنية المغاربية؟ في البداية لا بد من تكثيف اللقاءات والمهرجانات مثل أيام قرطاج الموسيقية وأن يتم برمجتها باستمرار في المغرب الكبير لتكون قاعدة للقاءات وتبادل الآراء ولفسح المجال لبروز طاقات شبابيّة مغاربية قادرة على صنع ربيع الأغنية المغاربية. إذ الاجتهاد والمثابرة وخلق سوق فنّية مغاربية سوف يعود بالخير على الأغنية المغاربية إلى جانب التركيز على الأعمال الجيّدة من حيث الكلام واللحن والأداء، وعندها سنفرض فننا ولهجتنا التي يزعم إخواننا المشارقة أنها غير مفهومة فنحن نتكلّم لغة عربية ونشترك في نطق حرف “القاف” ونكتب الصفر مستديرًا (0) فما يمنع إخواننا من فهم لهجتنا. علاقة وثيقة * ما جديدك الفنّي.. وهل حافظت على مسارك الفني كما هو؟ - مساري الفني كما هو وسوف أبقى في الفن ما دمت حيًا، ربما تكون هناك مفاجآت مستقبلًا، ربما ستكون هناك أشياء لا علاقة لها بالفن.. في رأسي كلام كثير له أكثر من سنتين، أعرف هندسته وتلحينه ولكنه لم ينضج بعد، كما أحضر لألبوم غنائي جديد يحتوي على 12 أغنية صوفية تعاملت فيه مع أئمة من العظماء مثل الإمام ابن العربي والإمام البصيري والإمام الحراق والإمام الشافعي وعمر الخيام. غناء وسط الحروب * عرفناك مختصًا في الواقع الاجتماعي.. لم التغافل عن الواقع الاجتماعي العربي الذي زاد تأزمًا؟ - الفنان بطبيعته يحب أن يكون سباقًا بأي عمل، وكنت دائمًا سباقًا، الآن العالم العربي أو العالم ككل يتخبط في أشياء جعلت حتى الطبيعة تغضب، وهي الحروب الموجودة وبخاصة في فلسطين والعراق، وكذلك المجاعة الموجودة في العالم، هذا الفقر الذي يسيطر على الكثير من الدول يرجع للقوى العظمى التي تسيطر على الكثير من الدول بدهائها، فواجبي يحتم علي أن أشارك في هذه القضية ولهذا غنيت للإنسان، وذلك كان قبل حتى أن أحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان مصر الدولي وهذه الأغنية اشتهرت، كذلك عملت (غزال)، وغنيت عن الشاب الجزائري الذي اغتيل في باريس بمنطقة موبرناس وكانت صفعة لفرنسا.. صحيح ابتعدت عن إصدار الألبومات وتفرّغت لسماع الموسيقى بعد آخر ألبوم “ثقبة في الفضاء” سنة 1993م، وذلك لصعب مزاجي بحيث لا أقتنع بسرعة بالعمل الذي أنجزه أحاول دائمًا أن أكون وفيًّا للوني الفنّي، حتى أسلوبي وطريقتي تختلف عن بقية الفنانين من حيث اختياري للموضوعات وطريقة التلحين والأداء وهذا أمر تلقائي عضوي نابع من قناعات شخصية. بين الرسم والسينما * وماذا بخصوص ألوانك الفنية أخرى مثل الرسم والسينما؟ - نعم أقمت مع الفنان التشكيلي المغربي محمد الزين معرضًا مشتركًا سنة 1987م، وهي موهبة اجتاحتني منذ الصغر وترعرعت معي فعندما أرسم أشعر وكأني أغني فهو متنفس آخر يسعدني مثل عالم السينما الذي دخلته وكان أوّلها فيلم “الحياة كفاح” لمحمد التازي ويصور كفاح الدوكالي، كما لي عدة مشاركات في عدّة أفلام مغربية أخرى، هو جزء من كفاحي الفني وجهادي في سبيل البقاء نظرًا لصعوبة الميدان الفنّي، ولتحقيق التواصل مع الجماهير العربية..